وقال له : يا ابن سعد أتقاتلني؟! أما تتقي الله الّذي إليه معادك؟ أتقاتلني وأنا ابن من علمت؟ ألا تكون معي ، وتدع هؤلاء ؛ فإنّه أقرب إلى الله تعالى؟!
ولمّا آيس منه الحسين قال له : «مالك؟ ذبحك الله على فراشك عاجلا ، ولا غفر لك يوم الحشر ، فو الله إنّي لأرجو ألّا تأكل من برّ العراق إلّا يسيرا».
فقال ابن سعد مستهزءا
في الشّعير كفاية (١).
واخلف ابن زياد بوعده لابن سعد ، كما أخلف الشّيطان مع أتباعه ، وصدق الحسين ، فلم تمض الأيّام حتّى قتل عمر وابنه حفص على يد المختار.
٢ ـ قال تعالى في صفة أهل النّار : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) (٢). وهذه بالذات صفات الّذين حاربوا الحسين في كربلاء ، فقد وعظهم وحذّرهم ، وذكّرهم بكتاب الله وآياته ، ولكنّهم صمّوا عن النّبأ العظيم كما عموا :
وذكرت ما فجّر الصّخور فلم يكن |
|
إلّا قلوبهم هناك صخور |
٣ ـ قال تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) (٣). ينادي المنادي يوم القيامة : أين أهل الحقّ الّذين اتّبعوا المصلحين؟ فتأتي بهم الملائكة يزفّون إلى الجنّة. ثمّ يقال : هاتوا متبعي رؤوس الضّلالة فتسوقهم الزّبانية إلى جهنّم (٤).
__________________
(١) انظر ، الكامل في التّأريخ لابن الأثير : ٣ / ٢٨٣ و : ٤ / ٥٥٤ ، الفتوح لابن أعثم : ٥ / ١٠٣ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ٢٤٥ ، البداية والنّهاية : ٨ / ١٨٩.
(٢) الإسراء : ٩٧.
(٣) الإسراء : ٧١.
(٤) انظر ، تفسير القرطبي : ١٠ / ٢٩٧ ، احكام القرآن للجصّاص : ٣ / ٢٦٧.