الحقّ لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله ، فإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة ، والحياة مع الظّالمين إلّا برما» (١).
وتقدّم جون مولى أبي ذرّ (٢) يطلب من الإمام الإذن بالبراز فقال له الإمام : «إذهب لشأنك ، إنّما طلبتنا للعافية فلا تبتل بطريقتنا ، فصعق جون من هذا الجواب ، وقال : يا ابن رسول الله : أنا في الرّخاء ألحس قصاعكم ، وفي الشّدة أخذلكم! والله أنّ ريحي لمنتن ، وإنّ حسبي للئيم ، وإنّ لوني لأسود ، فتنفس عليّ بالجنّة ، فيطيب ريحي ، ويشرف حسبي ، ويبيّض وجهي ، لا والله لا أفارقكم حتّى يختلط هذا الدّم الأسود بدمائكم» (٣).
أي والله إنّ الجنّة في أنفاس الحسين ، وفي التّراب الّذي اريق عليه دم الحسين ، وأنّ بياض الوجه عند الله في الإستشهاد بين يدي الحسين ، وأنّ الدّم
__________________
(١) انظر ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٠٧ ، و : ٤ / ٣٠٥ طبعة آخر ، و : ٥ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦ طبعة سنة ١٩٦٤ م ، ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين عليهالسلام) : ٢١٤.
(٢) جون : عبد اشتراه الإمام عليّ بن أبي طالب ، ووهبه الصّخابي الجليل أبي ذرّ ، يعينه على متاعب الحياة ، وبعد وفاة أبي ذرّ انتقل جون إلى بيت الإمام عليّ ، وبعد وفاة الإمام عليّ انتقل إلى بيت الحسن ، وبعده إلى بيت الحسين ، وحين خرج إلى العراق صحبه معه. وهكذا نشأ جون في أطهر البيوت وأقدسها ، وكانت له هذه الخاتمة الطّيبة ، جون عبد رقّ يباع ويشترى كالسّلع والحيوانات ، ويزيد عربي قرشي يأمر وينهى ، وتخضع له رقاب المسلمين ... فيا للغبن وسخرية الأوضاع ... ورحم الله أبا العلاء ، القائل :
أليس قريشكم قتلت حسينا |
|
وصار على خلافتكم يزيد |
انظر ، الدّيوان : ١٦٥ ، مقتل الحسين : ١ / ٢٣٧ ، و : ٢ / ١٩ ، بحار الأنوار : ٤٥ / ٢٢ و ٧١ و : ٩٨ / ٢٧٣. رجال الشّيخ الطّوسي : ٧٢ ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣١٨ و : ٥ / ٤٢٠ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢٥٣ و : ٤ / ١٠٣ ، شرح الأخبار : ٣ / ٢٤٦.
(٣) انظر ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٩٤ ـ ٩٦.