ما ينوون ويعملون ، ورأينا كيف ينتقم الظّافرون من خصومهم؟ وكيف يخيّرونهم بين الموت والعبودية؟ حتّى ولو كانت الخصومة في الرّأي والإجتهاد. لذلك وغير ذلك تستبعد هذا النّوع من الحديث ، لأنّك تأخذ بمبدأ قياس بعض النّاس على بعض.
ولكن هذا ما حصل بالفعل ، وشهد به القريب والبعيد ، إقرأ تأريخ الإمام عليّ ابن أبي طالب ، لتلمس هذه الحقيقة ، وتؤمن بها إيمانك بوجودك ، فقد بايعه عبد الرّحمن بن عوف على أن يعمل بكتاب الله ، وسنّة الرّسول ، وسيرة الخليفتين أبي بكر وعمر ، فقال له عليّ : أعمل بكتاب الله وسنّة الرّسول ، وأرجو أن أفعل على مبلغ علمي وطاقتي ، فبايع عبد الرّحمن عثمان ، ولو قال الإمام نعم لتمّت له الخلافة بدون معارض ، ولكنّه أبى أن يكون مقلّدا ، أو أن يعد ويخلف (١).
__________________
(١) ألا يظهر من هذا كلّه أنّ الرّجل ـ أي عمر بن الخطّاب ـ قد جعل أمر التّرشيح بيد رجل واحد وهو عبد الرّحمان بن عوف ، وعبد الرّحمان هذا يعرف بأنّ الإمام عليّ عليهالسلام يرفض الإلتزام بسيرة الشّيخين ، ولذا اشترط الإلتزام حتّى يبعد عنها عليّا وذلك لما بينهما من الإختلاف من حيث السّيرة حتّى في الإستخلاف ، ولما بين سيرتهما وبين سيرة الرّسول صلىاللهعليهوآله ، طلب عبد الرّحمان في حقيقته تعجيزي لا يمكن أن يقبل به إلّا اللّعوب الّذي لا يرعى عهدا ولا يلتزم بتعهد ، وذلك مستحيل على مثل عليّ عليهالسلام ، لذا قبلها عثمان ولم يلتزم بها أبدا وهو يعلم أنّه لن يلتزم ، وكيف يلتزم بثلاثة أنماط من السّيرة متباينة ، مختلفة ، وليس فيها جامع.
ما هي الميزة ، والخصّيصة ، والمنقبة الّتي تميز بها عبد الرّحمان بن عوف حتّى يجعل هو الحكم بين طرفي الإختلاف إذا وقع حتّى وإن صفق بإحدى يديه على الأخرى كما ذكرنا سابقا من المصادر التّأريخية.
ألكون عبد الرّحمان بن عوف زوّج أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وأمّها أروى بنت كريز ، وأروى أمّ عثمان فلذلك هو صهره كما يقولون؟ ـ