والشّر!.
ومع ذلك ... فإنّ مصرع الحسين كان نذيرا لدولة معاوية الآفاق ، وانهارت الدّولة بعد ذلك بنصف قرن وسط أفراح الشّعب.
ظلّ الشّعب العربي يلعن يزيد بن معاوية وخلفاءه حتّى سقطوا بل أنّ الشّعب العربي انتقم من قادة الجيش الأمويّين شرّ انتقام ، فلقي أكثرهم مصرعه بعد أن استشهد الحسين على أيديهم وهو الإمام ، والقائد ، والزّعيم السّياسي المثالي لأمّة العرب في ذلك الحين ، والرّجل الّذي قام برحلته الدّامية إلى العراق ، وهو يعلم أنّ ألوف الجنود المرتزقة من جيش يزيد ، سوف تلحق به وتحول بينه وبين الإتّصال بالشّعب.
وكان الحسين يعلم أنّه مستشهد لا محالة ، هو وأهل بيته ، لكنّه مضى في طريقه دون خوف أو تردّد ، وتلك صفات الزّعماء الحقّيقيّين للشّعوب.
طلبوا منه أن يسلّم نفسه فأبى ... طلبوا منه البيعة ليزيد ، فرفض أن يبايع شابّا فاسدا شرّيرا ، لا يصلح أن يقود أمّة حديثة في طريقها الطّويل.
وامتشق سيفه ، وظلّ يقاتل جنود الشّيطان يزيد ، خليفة المسلمين الّذي فرضه أبوه معاوية فرضا على الأمّة العربيّة ...
ولم يكن معه سوى العشرات من الرّجال ، والنّساء ، والأطفال ، كلّ جيشه كان يمكن لفصيلة من الجنود سحقها في لحظات ... لكن الجيش الصّغير صمد أيّاما طويلة وقاتل بقيادة الحسين ببسالة عجيبة مذهلة ، لم يشهد تأريخ الشّرق أو الغرب مثيلا لها.
كان الحسين عطشان جائعا ... ورجاله يفتك بهم الظّمأ مثله ، وأطفاله