وصدق الكاتب «أنّ السّيّدة زينب رمز لشيء عميق الدّلالة» ولكن من أي نوع هذا الشّيء العميق؟ وهل كشف عنه الباحثون والمؤرّخون؟
لقد تكلّم العلماء والأدباء قديما وحديثا حول شخصية السّيّدة ، واتّفقوا على بسالتها وعلمها وقوّة صبرها وإيمانها وعقلها ، وعلى عظمة الدّور الّذي قامت به في كربلاء ... وحاول كثيرون أن يشرحوا هذا الدّور ، ويفسّروا لنا وللأجيال السّر الكامن في ذهابها مع أخيها إلى كربلاء ... ورأى بعضهم أنّ الغاية من وجودها مع أخيها أن تبث دعوة الحقّ ، وتعلن سرّ نهضة الحسين ، وتبلّغ حجّته للملأ ، وتبين مساويء الأمويّين ، وتؤلّب النّاس على الطّغاة البغاة بالمواعظ والخطب ، كما فعلت في الكوفة والشّام ، وفي الطّريق إليهما منتهزة الفرص ، لإنجاز مهمّة أخيها سيّد الشّهداء.
وليس من شك أنّها أدّت هذه المهمّة على أكمل وجه بخاصّة في مجلس يزيد وابن مرجانة ، فلقد عرفت كلّا منهما بمكانة من الخزي والعار ، وفضحتهما لدى الأشهاد ، ولعنتهما كما لعنت كلّ الّذين يغدرون ويفجرون ؛ وقد ذكرنا ذلك في غير مكان من هذا الكتاب بعنوان : «خروج الحسين بأهله إلى كربلاء» ولكن هل هذا وحده هو الشّيء العميق الّذي ترمز إليه السّيّدة زينب؟ كلّا ، فأنّ معه شيئا آخر أعمق وأبعد من هذا بكثير ، أنّه الإحتفاظ بالدّين ، والإبقاء على شريعة سيّد المرسلين ، أنّ هذا الشّيء العميق يعود إلى أبيها أمير المؤمنين ، وعلومه الّتي تلقّاها عن أخيه وابن عمّه خاتم الرّسل وجدّ السّيّدة زينب ، وإليك القصّة من أوّلها :
قال الشّيخ محمود أبو ريّة خريج الأزهر في كتاب «أضواء على السّنّة