وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١) ، وهو من الّذين عناهم جدّه الرّسول بقوله : «أنّ الله يحبّ ذا البصر النّافذ عند ورود الشّبهات ، ويحب ذا العقل الكامل عند حلول المشكلات» (٢). ومن غير الصّادق يبدد الشّبهات بعقله النّير ، وبصيرته الهادية المرشدة؟!.
وكان عليّ بي أبي طالب من أسخى الصّحابة ، بل من أسخى العرب ، وقد كان أحفاده كذلك من بعده ، فزين العابدين كان يحمل الطّعام ليلا ليوزعه على بيوت ما عرفت خصاصتها إلّا من بعده (٣) ، فلم يكن غريبا أن يكون الإمام الصّادق النّابت في ذلك البيت الكريم سخيّا جوادا ، فقد يعطي حتّى لا يبقي لعياله شيئا.
وكان حليما لا يقابل الإساءة بمثلها ، بل يقابلها بالّتي هي أحسن عملا بقوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٤).
أمّا الشّجاعة فقد كانت ملازمة لذرّيّة عليّ ، وهي فيهم كالجبلّة ، لا يهابون الموت ، وبخاصّة من يكونون في مثل حال أبي عبد الله الصّادق الّذي عمر الإيمان قلبه ، وانصرف عن الأهواء والشّهوات ، واستولى عليه خوف الله تعالى وحده ، ومن عمر قلبه بالإيمان لا يخاف أحدا إلّا الله.
وكان ذا فراسة قوّية جعلته ذا إحساس قوي يدرك به مغبة الأمور ، والفراسة من أخلاق المؤمنين ، كما أنّ الله سبحانه قد أضفى عليه جلالا ونورا من نوره ،
__________________
(١) يونس : ٦٢.
(٢) انظر ، البداية والنّهاية : ١ / ٣٦٢ ، مسند الشّهاب : ٢ / ١٥٢ ح ١٠٨٠.
(٣) انظر ، تأريخ دمشق : ٣٦ / ١٥١ ، تأريخ اليعقوبي : ٣ / ٤٥ ، البداية والنّهاية : ٩ / ١٠٥ ، مختصر تأريخ دمشق : ١٧ / ٢٣٨ ، حلية الأولياء : ٣ / ١٣٦.
(٤) المؤمنون : ٩٦.