قدما ، ويتألّف من عمارة قائمة الزّوايا لها قاعة خارجيّة مذهّبة تحف بها ممرّات أعدّت للطواف. وفي منتصف الغرفة المركزيّة المقبّبة توجد «صندوقة الحسين» وحولها مشبكان ، الخارجي مصنوع على شكل مشربية من الفضّة ، والدّاخلي من الذّهب. وفي هذين المشبكين يلقي المخلصون هداياهم من النّقود والمجوهرات ، ويفتحان مرّة في السّنّة لجمع هذه الهدايا بحفلة ضخمة. وهناك ضريح ثان دفن فيه عليّ الأكبر ابن الحسين عليهالسلام.
وفي كربلاء مشهد كبير ثان للعبّاس بن عليّ ، وهو يشبه في نسق بنائه وحجمه وتعدد الأروقة والغرف فيه مشهد الحسين. والفرق الوحيد هو أنّ للثّاني مآذن وللأوّل مئذنتين ، كما أنّ قبّته غير مغطاة بصفائح الذّهب .. والسّبب في ذلك هو أنّ نادر شاه رأى (وهو يعتزم بناء المشهدين) العبّاس في منامه ، فقال له : «أنا أصغر سنّا من الحسين ، وما أنا إلّا قلامة ظفر لسيّدي. ولذلك وجب أن تجعل فرقا في البناء بين مقام السّيّد ومقام العبد». ويعتقد الزّوار أنّ النّقمة تحل بكلّ من يحلف كاذبا عند ضريح العبّاس.
وفرش داخل المشهدين بالسّجاجيد العجيبة النّفيسة ، وزين أبدع زينة تثير الإعجاب والرّوعة ، وتصعب على الواصف.
لقد مضى على مصرع سيّد الشّهداء الحسين بن عليّ رضي الله عنه (١٣١٧ سنة) (١) ، وما زال الألوف يزورون مشهده للتّبرك به ، وتقديم واجب الإحترام للمدفون فيه ، وتجديد ذكرى الفاجعة الّتي حدثت في العاشر من شهر المحرّم سنة (٦١ ه).
__________________
(١) وضع الشّيخ مغنيّة هذا الكتاب عام (١٣٧٨ ه). ونحن الآن في سنة (١٤٢٦ ه). المحقّق.