وإن كانوا أهل بيت الرّسول ، بل ولو ضحّوا في سبيل الإسلام بالأرواح ، والعيال ، والأطفال! ... لقد أنكر بعض الكتّاب على الشّيعة قولهم بعصمة من زكّاهم القرآن ، وطهّرهم من الرّجس ، ولم ينكر على بعض السّنّة القول بعدالة الصّحابة الّذين هم على شاكلة معاوية وسمرة! ..
معاوية عادل ، لأنّه بذل الأموال ، والمناصب لوضع الأحاديث في القدح بأخي الرّسول في الدّنيا والآخرة! ومعاوية مؤمن ، لأنّه شجّع الإفتراء على الله ، وأمر بوضع أحاديث في فضائله مثل «كتب معاوية آية الكرسي بقلم من ذهب جاء به جبرائيل هديّة له من فوق العرش» (١). وهذا الحديث المفترى هو المصدر الوحيد لكتابة معاوية للوحي (٢).
سئل النّسائي وهو في دمشق عن فضائل معاوية. فقال : ألا يرضى معاوية رأسا برأس ، حتّى يفضّل (٣)؟!».
وإذا وجد في الصّحابة مثل سمرة بن جندب ، وأبي هريرة ، وابن العاصّ يقبضون ، ويكذبون فإنّ فيهم من يناصر الحقّ ، ولا تستهويه الأموال ، والمناصب فلقد وقف جماعة لمعاوية وجابهوه بالحقيقة ، وصارحوه بمثالبه ومروقه من
__________________
(١) انظر ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ١٢٩ ، شرح الأخبار : ٢ / ١١١ هامش رقم «٤».
(٢) انظر ، كتاب الأضواء على السّنّة المحمّديّة : ٨١١ ، والنّصائح الكافية لمن يتولّى معاوية : ١٧٢ طبعة (١٩٤٨ م). (منه قدسسره). انظر ، تلخيص الحبير : ٤ / ١٨٨ ، الإكمال لابن ماكولا : ١ / ٥٢٦.
(٣) ذهب النّسائي إلى دمشق ، وهو أحد أصحاب الصّحاح السّتة عند السّنّة ، فقيل له : حدثنا عن فضائل معاوية ، فقال : أما يرضى معاوية رأسا برأس ، حتّى يفضل؟! وقال : لا أعرف له فضيلة إلّا لا أشبع الله بطنه ، فداسوه بالأرجل ، ومات بسبب ذلك. انظر ، العبر : ٣ / ٢٨ ، البداية والنّهاية : ١١ / ٣١٧ ، وفيّات الأعيان : ١ / ٥٩ ، أنساب الأشراف : ١ / ٥٣٢ ، صحيح مسلم : ٨ / ٢٧ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٣٦٥ ، مسند الطّيالسي : ح ٢٧٤٦ ، شيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبو ريّة : ٢٠٤.