عليّ مع الأسرى فتجاهله وحاد عنه ، فقال له عقيل : يا ابن أمّ والله لقد رأيت مكاني ، فتركه ولم يلتفت إليه ، وهو أخوه لأمّه وأبيه» (١). وكان عقيل حاضر الذّهن سريع الجواب ، رآه النّبيّ صلىاللهعليهوآله مع الأسرى يوم بدر ، فقال له : يا أبا يزيد قتل أبو جهل. فقال له عقيل : إذن لا تنازعوني في تهامة (٢). وأمر النّبيّ عمّه العبّاس أن يفدي نفسه ، وابن أخيه عقيلا ، فقال العبّاس : لا مال عندي. قال له النّبيّ : لقد تركت مالا عند أمّ الفضل ، وأوصيتها به. فقال : من أخبرك بهذا؟ قال جبرائيل عن الله. فقال العبّاس : ما علم بهذا أحد ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله (٣). فرجع الأسرى ، كلّهم مشركون إلّا العبّاس ، وعقيل ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطّلب.
وكان النّبيّ يحبّ عقيلا. وقد صارحه بهذا الحبّ ، إذا قال له يوما ، «يا أبا يزيد إنّي أحبّك حبّين : حبّا لقرابتك منّي ، وحبّا لحبّ عمّي إيّاك» (٤) ، وكان عقيل فقيرا كثير العيال والأطفال لا يجد ما يسدّ حاجتهم الضّروريّة من المأكل والملبس ،
__________________
ـ والفلكي في الإبانة ، وشرح النّهج لابن أبي الحديد : ١٤ / ٢٠٨ ، والمغازي للواقدي : ١٤٣ ـ ١٥٣ طبعة آخر ، والسّيرة النّبويّة لابن هشام : ٢ / ٤٣٦ ، المعارف لابن قتيبة : ١٥٦.
(١) انظر ، مستدرك الحاكم : ٣ / ٢٤٦ ، السّنن الكبرى : ٦ / ٣٢٢ ، فتح الباري : ٦ / ١١٦.
(٢) انظر ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٤٣ ، المنتخب من ذيل المذيل للطّبري : ٣٠.
(٣) انظر ، مسند أحمد : ١ / ٣٥٣ ح ٣٣١٠ ، معتصر المختصر : ١ / ٣٤٣ ، دلائل النّبوّة للإصبهاني : ١ / ١٣٧ ح ١٥٠ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ١٤ ، سير أعلام النّبلاء : ٢ / ٨٢. وفدى العبّاس نفسه بمئة اوقية ، وفدى كلّ واحد من بني أخيه وحليفه بأربعين اوقية. انظر ، الأحكام السّلطانية للماوردي : ٤٦.
(٤) انظر ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ٦٦٧ ح ٦٤٦٤ ، الإستيعاب : ٣ / ١٠٧٨ ح ١٨٣٤ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٤٣ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ٢٧٣ ، المعجم الكبير : ١٧ / ١٩١ ح ٥١٠ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢١٩ ، الذّرّيّة الطّاهرة : ١ / ٢٧ ، فضائل الصّحابة لأحمد : ٢ / ٦٦٣ ح ١١٣١.