فقال معاوية : ولا كلّ هذا يا أبا يزيد!» (١).
وفي ذات يوم أقبل عقيل على معاوية ، وعنده عمرو ابن العاص فالتفت معاوية إلى ابن العاص ، وقال له : لأضحكنّك من عقيل ؛ ولمّا سلّم ، قال له معاوية : مرحبا بمن عمّه أبو لهب ـ مع العلم بأنّ أبا لهب عمّ النّبيّ كما هو عمّ عقيل وعليّ ـ فقال عقيل : وأهلا بمن عمّته حمّالة الحطب في جيدها حبل مّن مّسد ـ يشير إلى أمّ جميل العوراء زوّجة أبي لهب (٢) ، وهي أخت أبي سفيان وعمّة معاوية ـ فقال معاوية ما ظنّك بعمّك أبي لهب. فقال : إذا دخلت النّار ، فخذ على يسارك تجده مفترشا عمّتك حمّالة الحطب» (٣).
وغدا يوما على معاوية ، وجلساؤه حوله ، فقال له معاوية : «يا أبا يزيد خبّرني عن عسكري وعسكر أخيك ، فقد وردت عليهما.
فقال عقيل : مررت بعسكر أخي فإذا ليل كليل رسول الله ، ونهار كنهاره ، ليس في القوم إلّا مصلّي لله أو قاريء للقرآن ، ومررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين الّذين نفروا برسول الله ليلة العقبة.
ثمّ قال : من هذا عن يمينك يا معاوية؟.
قال : هذا عمرو ابن العاص.
قال : هذا الّذي اختصم فيه ستة نفر ، فغلب عليه جزّار ، فمن الآخر؟
قال : الضّحاك بن قيس.
__________________
(١) انظر ، المصادر السّابقة.
(٢) انظر ، ترجمتها في غوامض الأسماء المبهمة : ١ / ١٩٠ ، فتح الباري : ٣ / ٩.
(٣) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ٩٣ ، الغارات : ٢ / ٥٥٣ ، أمالي السّيّد المرتضى : ٢٠٠.