ولا كلّ مشهور يجب أن يكون موجودا في الواقع ، ولذا قيل : «ربّ مشهور لا أصل له ، وربّ متأصّل غير مشهور». ولو سلّمنا جدلا ، لا اعتقادا أنّ الشّهرة حقّ وصدق فإنّما تكون حقّا إذا لم يقم الدّليل المحسوس الملموس على ضدّها وكذبها ... وقد جاء في الحديث : «ليس المخبر كالمعاين» (١) ، على أنّ الأخذ بما اشتهر عند السّنّة دون الأخذ بما اشتهر عند الشّيعة تحكّم ، وترجيح بلا مرجّح. وعليه يتحتّم طرح القولين معا ، وترك التّعصب لأحدهما ، والتّجرد للبحث النّزيه ... فلقد دلّت التّجارب منذ القديم على أنّ الّذين يلجأون إلى نزوات العاطفة لا يهتدون إلى خير ، ومحال أن يهتدوا ما دامت الميول هي المسيطرة ، والتّقاليد هي المتحكّمة.
٢ ـ أنّ عقيدة الإنسان ، أي إنسان لا تعرف على حقيقتها إلّا في ضوء واقعة وحياته الخاصّة ، وما يحيط بها من الظّروف والملابسات ، فهي الّتي توجّهه في سلوكه ، وآرائه ، ومعتقداته ، ومحال أن نعرف شيئا من ميوله ورغباته بمعزل عن واقعه وعالمه الخاصّ.
٣ ـ أنّه كما اشتهر بين السّنّة أنّ أبا طالب مات على غير الإسلام ، فقد أجمعت الشّيعة أنّ أبا سفيان مات على النّفاق ، واختلفت السّنّة في حسن إسلامه ، أي في نفاقه وعدمه ، قال صاحب «الإستيعاب» : «اختلف في حسن إسلام أبي سفيان ، فطائفة تروي أنّه لمّا أسلم حسن إسلامه ... وطائفة تروي أنّه كان كهفا
__________________
(١) انظر ، معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي : ٢ / ٦٨٩ ، تأويل مختلف الحديث : ١ / ٩٧ ، الكامل في ضعفاء الرّجال : ٦ / ٢٩١ ح ١٧٧٨ ، تأريخ بغداد ٣ / ٢٠٠ ، غريب الحديث لابن قتيبة : ١ / ٢٦٠.