من الشّرف ما لم يبلغه عربي قبله ولا بعده» (١).
وكان أبو طالب يحدّث عن النّبيّ بعد أن ضمّه إليه ، ويقول :
«كنت كثيرا ما اسمع منه إذا ذهب اللّيل كلاما يعجبني ، وكنّا لا نسمي على الطّعام ، ولا الشّراب ، حتّى سمعته يقول : بسم الله الأحد ، ثمّ يأكل ، فإذا فرغ قال : الحمد لله كثيرا (٢) ، وكنت آتيه على غفلة فأرى من لدن رأسه نورا ممدودا قد بلغ السّماء ... ولم أرمنه كذبة قطّ ، ولا جاهليّة قطّ ، ولا رأيته يضحك في غير موضع الضّحك ، ولا وقف مع الصّبيان في لعب ، ولا التفقت إليهم ، وكانت الوحدة ، والتّواضع أحبّ إليه» (٣).
ونقل ابن عساكر أنّ قحطا أصاب قريشا ، فاستسقى أبو طالب بمحمّد ، وما أن مدّ باصبعه ، حتّى أقبل السّحاب من هاهنا وهنا ، وأغدق الوادي ، وأخصب النّادي ، وفي ذلك يقول أبو طالب (٤) :
__________________
(١) انظر ، الخصائص الكبرى للسّيوطي : ١ / ٨١ ـ ٨٢ ، سبل الهدى والرّشاد : ١ / ٧٠ ، الإصابة : ٧ / ٢٠٢ دار الكتب العلميّة بيروت.
(٢) انظر ، صحيح البخاري : ٥ / ٢٠٧٨ ح ٥١٤٢ ، المستدرك على الصّحيحين : ١ / ٧١٠ ح ١٩٣٥ ، مجمع الزّوائد : ١٠ / ٩٦ ، سنن البيهقي الكبرى : ٧ / ٢٨٦ ح ١٤٤٤٨ ، مسند أحمد : ٥ / ٣٥٦ ح ٢٢٢٥٤.
(٣) انظر ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٣٥ ، العدد القوّية لعليّ بن يوسف الحلّي : ١٤٦.
(٤) انظر ، التّأريخ الكبير لابن عساكر : ١ / ٣٣٣ طبعة الشّام ، السّيرة الحلبيّة : ١ / ١٢٥ طبعة مصر ، الخصائص الكبرى : ١ / ١٢٤.
ذكر هذه القصيدة أكثر أهل السّير ، وشرحها أيضا كثيرون ، كالعلّامة الدّحلاني في أسنى المطالب في نجاة أبي طالب : ١١ ، وقال : قال ابن كثير هذه القصيدة بليغة جدّا ، لا يستطيع أن يقولها إلّا من نسبت إليه ، وهي أفحل من المعلقات السّبع وأبلغ في تأدية المعنى.
وأمّا سبب إنشائها فقد اختلف المؤرّخون في ذلك ط ، فقيل : إنّه قالها حين انتشر أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ