وأبو سفيان يخشى من انتصار محمّد على مجد «اميّة» ، ويعتقد أبو طالب أنّ في انتصار أخيه المجد الدّائم والشّرف الخالد ، وأي شرف أعظم من أن يعهد الله سبحانه إلى ربيب أبي طالب بأمانته ، ويختاره على جميع خلقه؟.
هذا إذا قسنا أبا طالب بمقياس النّفعيّين والإنتهازيّين تماما كما نقيس أبا سفيان ، وقلنا : أنّ كلّا منهما يعمل بدافع من منافعه الخاصّة ، لا بوحي من عقله وضميرة ... فإنّ النّتيجة الحتيمة المنطقية هي إيمان أبي طالب بمحمّد ورسالته ، وجحود أبي سفيان بكلّ ما يمت إلى النّبيّ بسبب.
ولو نزّهنا أبا طالب عن الغايات والأهواء ، ونظرنا إليه كطالب للحقّ من مصدره وأدلّته لجاءت النّتيجة أيضا إيمانه بالله والرّسول ، فلقد شاهد من آيات ابن أخيه منذ طفولته إلى ما بعد النّبوّة ما لم يتسن لأحد سواه ... مات أبو النّبيّ قبل أن يرى ولده العظيم ، فكفله جدّه عبد المّطّلب (١) ، ثمّ توفّي الجدّ ، وللنّبيّ من العمر ثماني سنوات ، وكان قد عهد به إلى أبي طالب ، وقال له فيما قال : «استمسك به وانصره بلسانك ، ويدك ، ومالك ... فإنّ له شأنا ... وأرجو أن يبلغ
__________________
ـ والسّيوطيّ في الخصائص : ١ / ٢٠٨ ، ودلائل النّبوّة : ١ / ٢١٥ ، و : ٢ / ٢٤ ، ابن هشام في السّيرة : ١ / ١٨٠ ، والتّرمذيّ برقم «٣٦٢٤» ، والفتح : ١٠ / ٣٤٥.
(١) انظر ، شرح صحيح مسلم : ٩ / ١٤٠ ، و : ١٧ / ١٣٣ ، الدّيباج على مسلم : ٣ / ٤٠٨ و : ٦ / ١٤٨ ، تلخيص الحبير لابن حجر : ٤ / ٥٩٥ ، مسند أحمد : ١ / ٣٦٣ و : ٥ / ٨٩ ، السّنن الكبرى : ٣ / ١٩٦ ، دلائل النّبوّة للبيهقي : ٢ / ١٥٣ ، سنن الدّارمي : ١ / ١٥ و ١٨ و ٣٦٧ ، مجمع الزّوائد : ٢ / ١٨٢ و : ٨ / ٢٩٨ ، البداية والنّهاية : ٦ / ١٤١ و : ٣٠٨ ، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي : ٧ / ٤٣٣ ، صحيح ابن خزيمة : ٣ / ١٤٠ ، المعجم الكبير : ١٢ / ١٤٥ و : ٢٣ / ٢٥٥ ، الطّبقات الكبرى : ١ / ٢٥٢ ، تأريخ دمشق : ٤ / ٣٩٠ و : ٧ / ٢٠٢ ، اسد الغابة : ١ / ٢٩ ، الكامل في التّأريخ : ٣ / ٢٨٨ ، تهذيب الكمال : ١ / ٢٣٥.