أنّ المسلم منه العالم والجاهل ، ومنه العادل وغير العادل ، ومنه المجاهد والقاعد ، ولكلّ درجته ومرتبته عند الله سبحانه ، وأحكامه الخاصّة في هذه الحياة ... فالعالم يرجع إليه في معرفة الشّريعة وفصل الخصومات ، والعادل يؤتّم به في الصّلاة ، ويؤخذ بحديثه وشهادته ، والمجاهد يعطي الأفضليّة في كثير من الحقوق الماديّة والأدبيّة.
أجل ، هناك آثار وأحكام تعم الجميع بالسّواء ، وبدون استثناء ، فكلّ من قال : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله حفظ ماله ودمه ، وجرت عليه أحكام الزّواج والمواريث ، وكان له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم في الشّؤون العامّة ... وكذلك من انتسب بالولادة من طريق الأب إلى هاشم منه الصّالح والطّالح ولكلّ درجته وأحكامه الخاصّة ، ويشترك الجميع في بعض الأحكام من أخذ الأخماس ، والنّذورات ، والأوقاف الخاصّة بالسّادات المنتسبين ، وحرمان المنتسب من الزّكاة إلّا من منتسب مثله (١). هذا ما يمتاز به المنتسب على غيره ... يأخذ من أموال الأغنياء ما يسد به حاجته وكفى ... أمّا أن يفخر ويعتز ، أمّا أن يشمخ ويعلو لمجرد الإنتساب فلا.
وهنا سؤال يفرض نفسه ، وهو إذا كان الأمر كذلك ، فعلام أمر الله ورسوله بمودّة القربى وطاعتهم والتّمسك بحبلهم؟.
ونجد الجواب في خطبة خطبها الحسين عليهالسلام في مكّة وهو متوجّه إلى العراق ،
__________________
(١) يقول الشّيعة : أنّ لله حقوقا في أموال الأغنياء تنفق على المعوزين ، وفي وجوه البر والصّالح العام ، ويقسمون هذه الحقوق على نوعين : نوع يسمّونه الزّكاة ، وآخر يسمّونه الخمس ، وللفقير المنتسب إلى هاشم من طريق الأب إن يأخذ من الخمس ، سواء أكان الغني الّذي يعطي الخمس منتسبا أو غير منتسب ، أمّا الزّكاة فليس للمنتسب أن يأخذ منها إلّا إذا كان المعطي لها منتسبا مثل الآخذ.