وروي أنّه حين اشتدّ القتل ، نزل عن فرسه ، وعقرها فكان أوّل رجل عقر فرسه في الإسلام ، وقاتل وهو يقول (١) :
يا حبّذا الجنّة واقترابها |
|
طيبة وبارد شرابها |
والرّوم روم قد دنا عذابها |
|
كافرة بعيدة أنسابها |
عليّ إذ لاقيتها ضرابها |
وبعد أن استشهد وجدوا في مقدّم جسده الشّريف أكثر من تسعين ضربة وطعنة (٢).
هذا هو بيت أبي طالب ، وهذه أبناؤه ، فمنذ اليوم الّذي نبتت فيه بذرة الإسلام إلى آخر يوم من أيّام العبّاسيّين عانى التّجويع ، والسّجن ، والحصر في شعب مكّة المكّرمة ، والتّشريد في أرض الحبشة ، ومجابهة الموت بالمبيت إلى فراش الرّسول ، والجهاد في بدر ، وأحد ، والأحزاب ، وفي جميع غزوات الرّسول وحروبه ، والقتل في أرض الشّام والعراق ، وفي كلّ مكان ... كلّ ذلك من أجل الإسلام ، وكلمة «لا إله إلّا الله محمّد رسول الله» ورغم ذلك فأبو طالب غير مسلم. ولماذا؟ .. لأنّه أبو عليّ ....
__________________
(١) انظر ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٢٣٤ و ٢٣٦ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٧ ، تأريخ الخميس : ٢ / ٧١ ، السّيرة لابن هشام : ٢ / ٣٧٢ و ٣٧٨ ، السّيرة الحلبية : ٣ / ٧٧ ، السّنن الكبرى : ٩ / ١٥٤ ، تأريخ دمشق : ٢٨ / ١٢٣ ، حلية الأولياء : ١ / ١١٨ ، تهذيب الكمال : ٥ / ٥٨ ، فتح الباري : ٧ / ٥١١ ، البداية والنّهاية : ٣ / ٤٦٦ و : ٤ / ٢٧٨ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢١٠.
(٢) انظر ، جوامع السّيرة : ٢٨٢ ، المعارف : ٢٠٥ ، اسد الغابة : ١ / ٣٤١ طبعة مصر ، السّيرة لابن إسحاق : ٢٢٦ ، صحيح البخاري : ٥ / ٢٤. بالإضافة إلى المصادر السّابقة.