وقد تساءل البعض عن عدم خروج عبد الله بن جعفر مع الحسين؟.
واعتذر عنه جماعة بأعذار لا تعدو الحدس ، والتّخمين. وقال بعضهم : أنّ بصره كان مكفوفا يومئذ.
والّذي نعتقده أنّ عبد الله بن جعفر كان مطيعا للإمامين الحسن والحسين بعد عمّه ، وأنّه لم يخالف لهما أمرا ، لا في السّر ولا في العلانية ، وقد رأيناه يترك أمر زوّاج ابنته أمّ كلثوم لخالها الحسين ، حين طلبها معاوية لولده يزيد ، كما ترك أمر خروج زوّجته زينب إليه وإليها ، وهو الّذي أمر ولديه عونا ومحمّدا بالخروج مع خالهما ، ولكنّ الحسين عليهالسلام لم يلزمه بالخروج ولم يوجب عليه ذلك ، بل ترك له الخيار ، وقد رأى أنّ بقاءه في المدينة أصلح ، لإعتبارات نجهلها نحن ، ويعذر هو فيها ، ولو أنّ الحسين أوجب عليه الخروج لأسرع إلى الإجابة ، وليس من شكّ أنّه مأجور ومشكور عند الله والنّاس على رضاه واغتباطه باستشهاد ولديه بين يدي الإمام.
وأنّ سيرته ومواقفه بعد الحسين لأصدق دليل على إيمانه وإخلاصه وصدقه في المتابعة والولاء لعمّه وأبنائه ، وعن كتاب المحاسن والمساويء للبيهقي أنّ عبد الله بن عبّاس ، وعمرو بن العاص كانا في مجلس معاوية ، فعرّض عمرو بعبد الله بن جعفر ، ونال منه ، فقال ابن عبّاس :
«وليس كما ذكرت ، ولكنّه لله ذكور ولنعمائه شكور ، وعن الخنازجور ، جواد كريم ، سيّد حليم ... لا يدّعي لدعي ـ يعرض بابن العاص ـ ولا يدنو لدني ، كمن اختصم فيه من قريش شرّارها فغلب عليه جزّارها ـ كما حدث لابن العاص ـ فأصبح ألأمها حسبا ، وأدناها منصبا ... وليت شعري بأي قدم تتعرض