وبعد ، فإنّ الأحداث الّتي مرّت بالسّيّدة زينب لفتت إليها الأنظار ، فتحدّث عنها المؤرّخون وأصحاب السّير في موسوعاتهم ، ومنهم من وضع في سيرتها كتبا مستقلة ، وأشاد الخطباء بفضلها وعظمتها من على المنابر ، ونظم الشّعراء القصائد في أحزانها وأشجانها ، وصبرها وثباتها ، ونذكر هنا ـ على سبيل المثال ـ هذه القطعة الدّامية لهاشم الكعبي :
وثواكل في النّوح تسعد مثلها |
|
أرأيت ذا ثكل يكون سعيدا |
ناحت فلم تر مثلهنّ نوائحا |
|
إذ ليس مثل فقيدهنّ فقيدا |
لا العيس تحكيها إذا حنّت ولا |
|
الورقاء تحسن عندها ترديدا |
أن تنع أعطت كلّ قلب حسرة |
|
أو تدع صدّعت الجبال الميدا |
عبراتها تحيي الثّرى لو لم تكن |
|
زفراتها تدع الرّياض همودا |
وغدت أسيرة خدرها ابنة فاطم |
|
لم تلق غير أسيرها مصفودا |
تدعو بلهفة ثاكل لعب الأسى |
|
بفؤاده حتّى إنطوى مفؤودا |
تخفي الشّجا جلدا فإن غلب الأسى |
|
ضعف فأبدت شجوها المكمودا |
نادت فقطّعت القلوب بشجوها |
|
لكنّما إنتظم البيان فريدا |
ماذا نسمّي هذه النّغمات الحزينة؟ ... أنسميها شعرا ، والشّعر يحتاج إلى أعمال الفكر ، وتخير المعاني والألفاظ ، والكعبي لم يفعل شيئا من ذلك ، وإنّما انعكست في نفسه آلآم آل الرّسول ، ثمّ فاضت بها من حيث لا يشعر ، تماما كما فاضت عيون الثّاكلات بالعبرات ... وكل شيعي صادق الولاء لآل نبيّه يعبر عن ولائه بالبكاء ، وإقامة العزاء لمّا أصابهم وحلّ بهم ، أو بشد الرّجال لزيارة قبورهم ومشاهدهم المقدّسة ، أو بالإحتجاج لحقّهم ، ومنافحة خصومهم ، أو بثورة