كلّ حال ، وبأيّ ثمن ، ومهما تكن النّتائج ... وسواء أصحّ أنّ معاوية أوصاه خيرا بالحسين ، أو لم يصحّ ، فإنّ فوران الحقد ، واللّؤم ، والبغض ، والغيظ من الحسين قد بلغ الغاية من نفسه ، وأدّى به إلى حمق لا تجدي معه النّصيحة ، وإلى داء لا يشفيه إلّا الإنتقام ، ولو كان به ذهابه وذهاب ملكه ، ومن قبل قال عبد الله بن الزّبير : «اقتلوني ومالكا» (١).
صمّم الحسين أن لا يبايع يزيد ، قتل أو لم يقتل ، لسبب واحد وهو «مثله لا يبايع مثل يزيد» (٢) ... وصمّم يزيد على قتل الحسين بايع أو لم يبايع لأسباب : «منها» : العداء المبدئي الّذي أشار إليه الإمام الصّادق بقوله : «نحن وآل أبي سفيان تعادينا في الله ، قلنا : صدق الله. وقالوا كذب الله» (٣).
و «منها» : العداء الشّخصي ، فقد كان يزيد يعلم علم اليقين بأنّ الحسين يزدريه ويحتقره وأباه معاوية ، وأيضا يعلم بأنّ الحسين ينظر إليه وإلى أبيه كما ينظر إلى المنافقين والمفترين ، ولا شيء أشدّ وطأة على النّفس من الإحتقار والإستخفاف.
و «منها» : الأخذ بثارت بدر ... ولذا هتف بأشياخه حين وضع رأس الحسين بين يديه ، وقال : «ليت أشياخي ببدر شهدوا».
__________________
(١) انظر ، الفتوح لابن أعثم : ١ / ٤٨٥ وما بعدها ، وقارن بين قوله وقول المؤرّخ في تأريخ الطّبري : ١ / ٣١٩٩ ـ ٣٢٠٠ ، و : ٥ / ٢٠٤ و ٢١٠ و ٢١١ ، والواقدي برواية شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٨٧ في شرح الخطبة «كنتم جند المرأة» ، الكامل في التّأريخ : ٣ / ٩٩ ، العقد الفريد : ٤ / ٣٢٦ طبعة لجنة التّأليف ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٩٦ ، الهامش رقم (١ و ٢) في نفس الصّفحة.
(٢) تقدّمت تخريجاته.
(٣) تقدّمت تخريجاته.