قال : إلى العراق.
قال : اكشف لي عن الموضوع الّذي كان رسول الله يقبّله منك. فكشف له عن سرّته ، فقبّلها ابن عمر ثلاثا ، وبكى ، وقال : استودعك الله يا ابن رسول الله ، فإنّك مقتول في وجهك هذا (١).
وإذا كان الحسين مقتولا لا محالة فليكن ثمن قتله واستشهاده ذهاب دولة الباطل من الوجود ، وخلاص المسلمين منها ومن الجور والبغي ... ولا طريق للخلاص إلّا بإنفجار الثّورة على الأمويّين وسلطانهم ... وكان ذبح الأطفال وسبي النّساء ، والتّطواف بهنّ من بلد إلى بلد من أجدى الوسائل لإنفجار الثّورة الّتي هزّت دولة البغي من الأركان.
لقد صحب الحسين النّساء معه عن قصد وتصميم ليطوف بهنّ الأمويون في البلدان ، ويراهن كلّ إنسان ، ويقلن بلسان الحال والمقال : «أيّها المسلمون ، انظروا ما فعلت اميّة الّتي تدّعي الإسلام بآل نبيّكم ... وكان النّاس يستقبلون جيش يزيد الّذي يطوف بالسّبايا ، يستقبلونه بالمظاهرات ، والرّشق بالأحجار ، والهتافات المعادية للأمويّين وحزبهم ، ويصرخون : في وجوههم يا فجرة ... يا قتلة أولاد الأنبياء ...
لقد رأى المسلمون في السّبايا من الفجيعة أكثر ممّا رأوا من قتل الحسين ، ولولاهنّ لم يتحقّق الهدف من قتل الحسين ، وهو إنهيار دولة الظّلم والطّغيان ... ولنفترض أنّ السّيّدة زينب بقيت في المدينة ، وقتل أخوها الحسين في كربلاء ، فماذا تصنع؟ ... وأي شيء تستطيع القيام به غير البكاء وإقامة العزاء؟ ...
__________________
(١) انظر ، أمالي الشّيخ الصّدوق : ٢١٧ ، العوالم : ١٧ / ١٦٣ ، لواعج الأشجان : ٧٤.