وممّا قلته في كتاب المجالس الحسينيّة :
«هل ترضى لنفسها ، أو يرضى لها مسلم أن تركب جملا مكشوفة الوجه تنتقل من بلد إلى بلد تؤلّب النّاس على يزيد ، وابن زياد؟! وهل كان يتسنى لها الدّخول على ابن زياد في قصر الإمارة ، وتقول له في حشد من النّاس : «الحمد لله الّذي أكرمنا بنّبيه محمّد ، وطهرنا من الرّجس تطهيرا ، إنّما يفتضح الفاسق ، ويكذّب الفاجر ، وهو غيرنا والحمد لله» (١)؟! وهل كان بإمكانها أن تدخل على يزيد في مجلسه وسلطانه ، وتلقي تلك الخطب الّتي أعلنت بها فسقه ، وفجوره ، ولعن آبائه ، وأجداده على رؤوس الأشهاد؟!.
أنّ السّيّدة زينب لا تخرج من بيتها مختارة ، ولا يرضى المسلمون لها بالخروج مهما كان السّبب ، حتّى ولو قطّع النّاس يزيد بأسنانهم ، ولكن الأمويّين هم الّذين أخرجوها ، وهم الّذين ساروا بها ، وهم الّذين أدخلوها في مجالسهم ، ومهدوا لها طريق سبّهم ولعنهم ، والدّعاية ضدّهم وضدّ سلطانهم.
ومرّة ثانية نقول : هذه هي المصلحة في خروج الحسين بنسائه وأطفاله إلى كربلاء ، وما كان لأحد أن يدركها في بدء الأمر إلّا الحسين وأخته زينب ، عهد إلى الحسين من أبيه عليّ عن جدّه محمّد عن جبريل عن ربّ العالمين. سرّ لا يعلمه إلّا الله ، ومن ارتضاه لعلمه ورسالته.
وكلّ ما فعله الأمويون في كربلاء عاد عليهم بالوبال والخسران ... قال الألماني ماريين: «بعد وقعة كربلاء انكشفت سرائر الأمويّين ، وظهرت قبائح أعمالهم ، وانتشر الخلاف على يزيد وبني أميّة. وما كان يجرؤ إنسان قبل كربلاء
__________________
(١) انظر ، الإرشاد : ٢ / ١١٥ ، إعلام الورى بأعلام الهدى : ١ / ٤٧١ ، ينابيع المودّة لذوي القربى : ٣ / ٨٧.