السّيل ، ولا يرقى إليّ الطّير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصّغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه» (١).
وقوله من كتاب له إلى معاوية :
«فدع عنك من مالت به الرّميّة فإنّا صنائع ربّنا ، ـ أي نحن أسراء فضل الله وإحسانه ـ والنّاس بعد صنائع لنا. لم يمنعنا قديم عزّنا ولا عاديّ طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا ، فنكحنا وأنكحنا ، فعل الأكفاء ، ولستم هناك! وأنّى يكون ذلك ومنّا النّبيّ ومنكم المكذّب ، ومنّا أسد الله ، ومنكم أسد الأحلاف ، ومنّا سيّدا شباب أهل الجنّة ، ومنكم صبية النّار ، ومنّا خير نساء العالمين ، ومنكم حمّالة الحطب ، في كثير ممّا لنا وعليكم!
فإسلامنا قد سمع ، وجاهليّتنا لا تدفع ، وكتاب الله يجمع لنا ما شذّ عنّا ، وهو قوله سبحانه وتعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢) وقوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٣) ، فنحن مرّة أولى بالقرابة ، وتارة أولى بالطّاعة. ولمّا احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السّقيفة برسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فلجوا عليهم ، فإن يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم ، وإن يكن
__________________
(١) انظر ، نهج البلاغة : الخطبة «٣». وتعرف بالشّقشقيّة لقول الإمام عليهالسلام بعدها : «تلك شقشقة هدرت ، ثمّ قرّت».
(٢) الأنفال : ٧٥.
(٣) آل عمران : ٦٨.