يا أرحم الرّاحمين» (١).
وليس من شكّ أنّ الدّعاء للشّيعة بإصلاح شئونهم ، والتّوبة عليهم ، والمغفرة لهم ، دعاية صريحة لأهل البيت ، والتّمسك بولائهم ، ونشر مبادئهم ؛ وليست مبادئهم إلّا مبادىء ، الإسلام وتعاليم القرآن.
ونقف قليلا عند قوله : «واجعلنا معهم في دار السّلام» ، لنتساءل : كيف طلب الإمام من الله سبحانه أن يجعله مع شيعة أهل البيت ، وهم الّذين يرجون النّجاة بشفاعته ، وشفاعة آبائه ، ويسألون الله أن يحشرهم في زمرته ، ويتّخذونه الوسيلة إلى رضوان الخالق ورحمته؟ ..
الجواب :
أنّ قوله هذا تواضع لله لا لسواه .. فإنّ المعروف من طريقة آل الرّسول إذا ناجوا ربّهم خضعوا وتذلّلوا ، واتهموا أنفسهم ، ولم يقيموا لها أي وزن .. والشّواهد على ذلك لا يبلغها الإحصاء ، نذكر منها هذا المثال من أقوال الإمام زين العابدين : «إنّك إن تفعل ذلك يا إلهي ... تفعله بمن لا يجحد استحقاق عقوبتك ، ولا يبرّئ نفسه من استيجاب نقمتك ؛ تفعل ذلك يا إلهي بمن خوفه منك أكثر من طمعه فيك ، وبمن يأسه من النّجاة أوكد من رجآئه للخلاص ؛ لا أن يكون يأسه قنوطا ، أو أن يكون طمعه اغترارا ؛ بل لقلّة حسناته بين سيّئاته ، وضعف حججه في جميع تبعاته» (٢).
__________________
(١) انظر ، في ظلال الصّحيفة السجاديّة شرح العلّامة الشّيخ محمّد جواد مغنيّة : الدّعاء السّابع والأربعون ، دعاؤه في يوم عرفة : ٥٧٥ ، بتحقّيقنا.
(٢) انظر ، في ظلال الصّحيفة السجّاديّة شرح العلّامة الشّيخ محمّد جواد مغنيّة : الدّعاء السّابع والثّلاثون ، دعاؤه في طلب العفو : ٤٥٦ ، بتحقّيقنا.