لم يتعجب الحسين لهذه المفاجأة الّتي يحسب كلّ إنسان أنّها محال ، حتّى في التّصور والخيال ، وإنّما ابتسم مستبشرا بالشّهادة ، ولقاء جدّه وأبيه ، أمّه وأخيه ، وبالرّحمة من دار البلاء والفناء إلى دار النّعيم والبقاء ، تماما كما استبشر أبوه من قبل بضربة ابن ملجم ، وقال : «فزت وربّ الكعبة» (١) ... وروي أنّ الحسين كان في يوم الطّفّ ، كلّما اشتدّ الأمر ، أشرق وجهه ، وهدأت جوارحه ، وسكنت نفسه ، حتّى قال النّاس بعضهم لبعض : أنظروا لا يبالي بالموت ... (٢)
ولم يقل الحسين لشمر : هل تعرفني؟ ليقيم عليه الحجّة ، لأنّها قائمة عليه ، ولا رجاء أن يتّعظ ويرتدع ، لأنّ الإتعاظ في حقّه أكثر من محال ، وإنّما سأله هذا
__________________
ـ الذّهب : ٢ / ٩١ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٨ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٣ / ٣٤٢ ، سمط النّجوم العوالي : ٣ / ٧٦ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٢٠٠ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٣٦ و ٣٧ ، المعارف : ٢١٣ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٨٢ ـ ٨٣ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٥١ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢١٥ و ٢٣٣ ، و : ٤ / ٥٨ ، النّهاية : ٤ / ٣٤٣ ، تذكرة الخواصّ : ٢٥٣ ،
(١) ذكرت قصّة ضرب ابن ملجم مقطّعة في بعض الكتب التّأريخية ، وأهل السّير ، ولكن نحن بصدد تحقّيق هذا الكتاب ، ولسنا بصدد بيان وجمع المقاطع على الرّغم من أنّ بعض الكتب قد نقلتها تفصيلا مع إختلاف يسير في الألفاظ ، وكذلك من التّقديم ، والتّأخير.
انظر ، تأريخ الطّبريّ : ٥ / ١٤٣ ، مقاتل الطّالبيّين : ٢٩ و ٤٧ ، طبقات ابن سعد : ٣ / ٣٥ ، أنساب الأشراف : ٢ / ٤٨٩ و ٤٩٩ و ٥٢٤ ، مروج الذّهب : ٢ / ٤١١ ، الإمامة والسّيّاسة : ١ / ١٥٩ ، الكامل في التّأريخ : ٣ / ٣٨٩ ، مناقب الخوارزمي : ٣٨٠ ـ ٤١٠ ، مناقب ابن شهر آشوب : ٣ / ٣١١ ، تأريخ ابن عساكر : ٣ / ٣٦٧ ح ١٤٢٤ ، تأريخ دمشق : ٣٨ / ٩٧ ، و : ٣ / ٣٠٣ ح ١٤٠٢ وما بعدها ، كنز العمّال : ١٣ / ٦٩٧ ، الفتح الرّبّاني : ٢٣ / ١٦٣ ، والحاكم في المستدرك : ٣ / ١٤٤ ، ذخائر العقبى : ١١٠ فضائل عليّ عليهالسلام ، الصّواعق المحرقة : ١٣٣ باب ٩ فصل ٥ مع تقديم وتأخير بما يناسب السّياق ، ويحفظ استرسال المعنى واللّفظ. الفتوح لابن أعثم : ٢ / ٢٧٦ ، الاسيعاب : ٣ / ٥٩ بإضافة «... لا يفوتنكم الكلب» ، اسد الغابة : ٤ / ٣٨ ، ينابيع المودّة : ١٦٤ ، أرجح المطالب : ٦٥١.
(٢) انظر ، معاني الأخبار للشّيخ الصّدوق : ٢٨٨ ، الإعتقادات للشّيخ المفيد : ٥٢.