والله إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفا وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك.
ثمّ قال لهم الحسين :
«فإن كنتم في شك من هذا القول أفتشكّون في أنّي ابن بنت نبيّكم؟ فو الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري منكم ولا من غيركم ، وأنا ابن بنت نبيّكم خاصّة. أخبروني أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم استهلكته؟ أو بقصاص من جراحة؟».
فأخذوا لا يكلمونه. فنادى : يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن ابجر ، ويا قيس بن الأشعت ، ويا يزيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ : إن قد اينعت الثّمار ، واخضّر الجناب ، وطمت الجمام ، وإنّما تقدم على جند لك مجند ، فاقبل. قالوا له : لم نفعل. فقال : سبحان الله! ، بلى والله ، لقد فعلتم ، ثمّ قال : أيّها النّاس : إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض. فقال له قيس بن الأشعث أولا تنزل على حكم بني عمّك ، فإنّهم لن يروك إلّا ما تحبّ ، ولن يصل إليك منهم مكروه ، فقال له الحسين : أنت أخو أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ (١).
«لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذّليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد. عباد الله : إنّي عذت بربّي وربكم أن ترجمون. أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب» (٢).
__________________
(١) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٨٠ ـ ٢٨١.
(٢) تقدّمت تخريجاته.