هذي هي لغة المرتزقين المأجورين الّذين يطلبون ويزمرون في كلّ عرس يدفع الأجر ، أمّا المباديء والأخلاق ، أمّا الدّين والعلم فكلام فارغ ... سألهم الحسين عن مكانته فيهم؟. وهل أساء إليهم ، وإلى أحد منهم؟ .. فاقرّوا واعترفوا بأنّه قدس الأقداس ، وأنّه خير النّاس أبا وأمّا ، ولكنّ الأمير هكذا أراد ... وهو طوع لمّا يريد ...
وقال لهم : كيف تناصرون أعداد الله على أولياء الله «من غير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم؟ ..» (١) فوضعوا أصابعهم في آذانهم ، وأبو إلّا طاعة اللّئام ، لا بغضا للنّبيّ وأهل بيته ـ كما يظن ـ ولا حبّا بأبي سفيان وآل أبي سفيان ، كلّا وألف كلّا .. بل لأنّهم مرتزقة ، وكفى ... ولو كانت الدّنيا مع الحسين لكانوا معه على الأمويّين ، ولفعلوا بهم أكثر ممّا فعلوا به وبأهله ، لو أراد.
هذا هو مبدأ المرتزقة في كل عصر ومصر ... يصنعون كلّ شيء يجر إليهم النّفع .. فيطيعون الأمير والزّعيم ، ولو كان يزيد وابن زياد ، ويقتلون الصّادق الأمين ، ولو كان محمّدا أو حسينا ...
وبعد ، فإذا رأيت من يسير في ركاب زعماء هذا العصر وحكّامه فاحكم بأنّه محترف ، حتّى ولو توجّع وتفجّع لمصاب أهل البيت .. ولا تشك بأنّ الحسين لو كان حيّا ، وأمره الزّعيم بقتاله لأقدم ، وأوجد لنفسه ألف مبرّر ومبرّر.
__________________
(١) انظر ، مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٥٧ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٩٤ ، كشف الغمّة : ٢ / ٢٢٨ ، الإحتجاج : ٢ / ٢٤.