والمناضلين من البسطاء والفقراء أن افتحوا دائما عيونكم ، وحدّقوا في كلّ قوى الشّر الّتي تحيطكم ، واقمعوا كلّ عوامل الضّعف والتّردد والخنوع في أعماقكم واثأروا لكلمة الله الحقيقة ... كلمة الحقّ ، والعدل ، والحرّيّة.
أيمكن أن نعثر في تراثنا على قصّة أروع من قصّة خروج الحسين واستشهاده لنستلهم منها العبرة ، والمثل ، والقدرة على الفداء؟ هل يمكن للفنّان الّذي يعيش بفكره ووجدانه هذه القصّة أن يقاوم في نفسه الرّغبة العميقة والمخلصة في تجسيد أحداثها بوسيلته الخاصّة أيّا كانت شعرا أو لونا أو نغما أو حركة ، أو هذه كلّها معا؟ وكيف يمكننا أن نظل ليل نهار نتحدّث عن التّراث العريق الّذي نملكه ، دون أن تتقدّم خطوة نحو بعث هذا التّراث ، واستخلاص أغلى ما فيه ، وأعزّ ما فيه وأبقى ما فيه ، ونشره وإشاعته بكلّ الوسائل بين النّاس ...
هكذا صنع شاعر كبير هو عبد الرّحمن الشّرقاوي. وهكذا صنع مخرج مسرحي كبير هو كرم مطاوع ؛ لقد كتب الشّر قاوي مأساة الحسين أو ملحمته ، في مسرحيّة شعريّة هي بالتّأكيد آخر نقطة بلغها في رحلته الفكريّة والفنيّة ، وهي أيضا آخر نقطة بلغها تطور المسرح الشّعري في بلادنا حتّى الآن. وتناولها كرم مطاوع من بعده ، فركّز فصولها ، وكثّف مشاهدها حتّى يمكّنه تجسيدها على خشبة المسرح ، لأنّها في أصلها تزيد عن أربعمئة صفحة ... واستغرق الإعداد والإخراج شهورا عدّة. كانت الأنباء تنشر في الصّحف خلالها ، عن قرب تقدّيمها للجمهور ، على خشبة المسرح القومي.
وأنا لا أكتب في هذا السّطور نقدا للنّص المسرحي المنشور في كتاب أو للعرض المسرحي الّذي أتيح لي أن أشهد «بروفته» النّهائية ولكنّني ـ للأسف ـ