وشرّه ... فقد كفر ..» (١).
ونصح الحكم فقال : «إنّ الحاكم المثالي هو من إذا خاف الله في السّر والعلانية .. وعدل عند الغضب والرّضا. وقصد في الفقر والغنى. ولم يأخذ الأموال غصبا. ولم يأكلّها إسرافا وتبذيرا» (٢).
وآمن الحسن بالمساواة. وفي ذات يوم جاءته امرأتان تشكوان فقرهما ، فأعطاهما ، ولكن إحداهما سألته أن يزيدها ، ويفضلها على صاحبتها ، لأنّها هي عربية ، وصاحبتها من الموالي ، فأخذ قبضة من تراب ، ونظر فيه وقال : «إنّي نظرت في كتاب الله فلم أجد فضلا لولد إسماعيل على ولد إسحق ، ولا أعلم أنّ الله فضل أحدا من النّاس على أحد إلّا بالطّاعة ، والتّقوى» (٣).
وتنازل عن الإمارة لمعاوية ، وعقد معه صلحا (٤) ... وكان هذا الصّلح ، ثمّ
__________________
ـ ١٨٠ ، تأريخ دمشق لابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن) : ١٤٢ ، سنن البيهقي : ٤ / ٣٣١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٦ / ١٠ ، تأريخ الخلفاء : ٧٣.
(١) انظر ، فقه الإمام الرّضا : ٤٠٨ ، المعجم الكبير : ٢ / ٤٨ ح ٩٠٣.
(٢) انظر ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٧. ونسب القول إلى غير الإمام.
(٣) انظر ، الإمام جعفر بن محمّد الصّادق للجندي : ٣١٣. وقد نسبها إلى الإمام عليّ.
(٤) أنّ الشّريعة الإسلاميّة الإنسانية تقوم على أسّس عديدة ، أهمها ، وأدقّها رعاية المصلحة ، ودفع المفسدة ، لأنّ أحكام الإسلام تبتني بكلامها على هذا الأساس ، وقد يكون في الحادثة ، أو الفعل مصلحة من جهة ، ومفسدة من جهة ثانية ، وعندها لا مفرّ من عملية الموازنة بين رعاية المصلحة ، ودفع المفسدة ، وتقديم الأهم على المهم ، فإن كان درء المفسدة أوجب تجاهلنا المصلحة ، وعقدنا الهدنة ، والمصالحة مع المفسدة إلى أن تحين الفرصة ، وتسنح ، والشّرط الأوّل فيمن يجري عملية الموازنة أن يكون من العارفين الحكماء.
واختلف المؤرّخون اختلافا كثيرا فيمن بدر لطلب الصّلح ، فابن خلدون في تأريخه : ٢ / ١٨٦ ذهب ـ