وأمّ كلثوم (١) ، وعرف عنها أنّها كانت رضوان الله عليها خير أمّ صالحة في رعاية زوّجها وأولادها ، كما عرفت عنها الشّجاعة النّادرة والجرأة العظيمة الّتي ظهرت بعد موقعة كربلاء وموقفها من يزيد.
فلقد خاطرت السّيّدة زينب بحياتها لمّا ذهب أخوها الإمام الشّهيد أبي عبد الله الحسين إلى العراق ، وصاحبته إلى تلك البلاد واشتغلت بتضميد الجرحى ، والسّهر عليهم ، وإعانة أهل من قتل من جيش أخيها ، وجاهدت في سبيل الله حقّ الجهاد إلى أن استشهد الحسين وكثير من أهل بيته ، فحزنت ، لكنّها صبرت صبر أيوب ، وأخذت تخاطب الظّالمين ، والقتلة الكافرين بأعنف وأغلظ الأقوال قائلة : ماذا تقولون إذا قال النّبيّ لكم وطالبكم بدم أخي الحسين؟
وماذا يكون الجواب إذا سألكم جدّي رسول الله عن رحمه وضياع حقّ آل بيت النّبوّة على يد يزيد قبّحه الله.
وكانت رضي الله عنها عنيفة في قولها لابن زياد ممّا جعل بعض الكافرين من أصحاب ابن زياد والموالين ليزيد أن يهجم على خبائها ويقتل الإمام عليّ زين العابدين ابن أخيها الحسين والّذي أبقى به الله نسل النّبوّة إلى يومنا هذا وحتّى قيام السّاعة ، فصرخت في وجهه صرخة شديدة قائلة :
والله لا يقتل حتّى أقتل قبله ... فألقى الله في قلب ذلك الغادر الرّعب ، وسقط السّيف من يده ولم يتعرض لهما بسوء ورجع خاسرا (٢).
بعد ذلك رحلت ومن معها من السّادة الأطهار إلى الشّام ، ولمّا مثلت في
__________________
(١) تقدّمت تخريجاته.
(٢) تقدّمت تخريجاته.