المؤمنين ... أبد الآبدين ودهر الدّاهرين (١).
وهنا يظهر أيضا معنى تبني الرّسول الكريم لزيد بعد عتقه .. يظهر معنى البديل الّذي اتّخذه عن ولديه من ظهره ... لقد جاء محمّد صلىاللهعليهوآله ليعتق ويحرّر جميع المؤمنين بالإيمان ـ كما عتق زيدا ... ثمّ يكون بحقّه عليهم أبا كريما ، ورسولا رحيما ، واسرة حسنة .. ما قامت الدّعوة إلى الله والإسلام على أرض البشر.
وهنا تظهر حكمة الله للمرّة الثّالثة عند ما ولد إبراهيم بالمدينة ، وعند ما مات واشتدّ حزن الرّسول عليه ... وكان أسباطه صلىاللهعليهوآله من أحبّ بناته إليه وأشدّهم حزنا عليه فاطمة الزّهراء ، هم أبناؤها من الإمام عليّ رضى الله عنه : الحسن ، والحسين ، ومحسن ، وزينب ، وأمّ كلثوم.
قال ابن إسحق في السّيرة : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يسمع شيئا يكرهه ، من ردّ عليه ، وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، إلّا فرّج الله عنه بخديجة رضي الله عنها ، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه ، وتصدّقه وتهون عليه أمر النّاس ، حتّى ماتت رضي الله عنها» (٢).
على هذا السّمت من البر ، وتفريج الأحزان ، والتّثبيت والتّخفيف ، في الدّعوة إلى الله ، والجهاد في سبيل الله كانت بنات الرّسول صلوات الله وسلامه عليه ، وبنات السّيّدة خديجة رضي الله عنها ... وكان أسباطه وأسباطها منهنّ .. وكانت السّيّدة زينب رضي الله عنها ...
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاري : ٧ / ٢٠٧ ، المستدرك على الصّحيحين : ٢ / ٥٣٧ ، تحفة الأحوذي : ٩ / ٢٠٥ ، تفسير ابن كثير : ٤ / ٥٩٦ ، تفسير مجاهد : ٢ / ٧٩٠ ، زاد المسير : ٨ / ٣٢٠ ، تفسير الثّعالبي : ٥ / ٦٣٢ ، الكواكب النّيرات لابن كيال الشّافعي : ٧٣.
(٢) انظر ، سيرة ابن إسحق : ٦٩. (منه قدسسره).