«هذا الّذي كان من عليّ في ليلة الهجرة .... لم يكن أمرا عارضا ، بل هو عن حكمة لها آثارها ومعقباتها فلنا أن نسأل : أكان لإلباس الرّسول صلىاللهعليهوآله شخصية لعليّ أكثر من جامعة القرابة القريبة بينهما؟. وهل لنا أن نستشف من ذلك ـ أي من أنّ الرّسول ألبس شخصيته لعليّ أنّه إذا غاب شخص الرّسول كان عليّ هو الشّخصية المهيأة لأنّ يخلفه ، ويمثل شخصيته ، ويقوم مقامه؟ ..
وأحسب أننا لم نتعسف كثيرا حين نظرنا إلى عليّ ، وهو في برد الرّسول ، وفي مثوى منامه الّذي اعتاد أن ينام فيه ـ فقلنا : هذا خلف الرّسول والقائم مقامه» (١).
وبحقّ قال الأستاذ الخطيب : إنّ شيعة عليّ لا يقيمون شاهدا من هذه الواقعة يشهد لعليّ أنّه أولى برسول الله على حين نراهم يتعلقون بكلّ شيء يرفع عليّا إلى تلك المنزلة أي الخلافة.
ولي أن أجيب عن الشّيعة : بأنّهم لا يستدلون بشيء على خلافة إمامهم إلّا بأقوال السّنّة ، وعلى هذا جرت عادتهم منذ القديم تجنبا لمواطن التّهم ... وما رأوا أحدا قبل الأستاذ الخطيب استدل بهذه الواقعة على أوّلية عليّ بالخلافة ، ولمّا أنطقه الله به أخذوه عنه ، كما فعلت أنا. ثمّ قال الخطيب الكريم :
«إنّ عليّا خدع قريشا بمبيته على فراش رسول الله ، ومكر بها عن محمّد حتّى أفلت من بين أيديها ، وسلم من القتل ، وقد صفعها عليّ بفعلته هذه صفعة مذلّة مهينة ، فأضمرت قريش لعليّ السّوء ، وأرهقته وتجنت عليه بعد أن دخلت الإسلام ... إنّ هذا الّذي كان من عليّ ليلة الهجرة في تحديه لقريش ، هذا التّحدي
__________________
(١) انظر ، كتابه «عليّ بن أبي طالب بقية النّبوّة ، وخاتم الخلافة : ١٠٥ ، وما بعدها طبعة سنة ١٩٦٧ م.
(منه قدسسره).