فالحسين ، إذن من نور الله ، وقد علّق الأستاذ العلايلي على هذا الحديث : «بأنّه يفيد الإمتزاج ، والإتحاد» (١).
قال الأستاذ العقّاد في كتاب «أبو الشّهداء» :
«ظل الحسين على حضور ذهنه ، وثبات جأشه في تلك المحنة المتراكمة الّتي تعصف بالصّبر ، وتطيش بالألباب ... وهو جهد عظيم لا تحتويه طاقة اللّحم والدّم. فإنّه رضى الله عنه كان يقاسي جهد العطش ، والجوع ، والسّهر ، ونزف الجراح ، ومتابعة القتال ، ويلقي باله إلى حركات القوم ومكائدهم ، ويدبّر لرهطه ما يحبطون به تلك الحركات ، ويتّقون به تلك المكائد ، ثمّ يحمل بلاءه وبلاءهم. ويتكاثر عليه وقر الأسى لحظة بعد لحظة ، كلّما فجع بشهيد من شهدائهم. ولا يزال كلّما أصيب عزيز حمله إلى جانب إخوانه ، وفيهم رمق ينازعهم وينازعونه ، وينسون في حشرجة الصّدور ما فيهم ... فيطلبون الماء ، ويحزّ طلبهم في قلبه كلّما أعياه الجواب ، ويرجع إلى ذخيرة بأسه ، فيستمد من هذه الآلام الكاوية عزما يناهض به الموت ، ويعرض به عن الحياة ... ويقول في أثر كلّ صريع : «لا خير في العيش بعدك» (٢).
__________________
ـ ١٤٤ ، مسند أحمد : ٤ / ١٧٢ ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ١٧٧ ، تهذيب الكمال : ٧١ ، اسد الغابة : ٢ / ١٩ ، و : ٥ / ١٣٠ ، تيسير الوصول : ٣ / ٢٧٦ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٤٦ ، البخاري في الأدب المفرد : ح ٣٤٦ ، كنز العمّال : ٦ / ٢٢١ ، و : ١٦ / ٢٧٠ ، و : ١٣ / ١٠١ و ١٠٥ و ١٠٦ ، و : ١٢ / ١٢٩ ح ٣٤٣٢٨ ، و : ٧ / ١٠٧ ، المعجم الكبير للطّبراني : ٣ / ٣٢.
(١) انظر ، سمو المعنى في سمو الذّات : ٧٨ طبعة (١٩٣٩ م).
(٢) انظر ، كتاب «أبو الشّهداء الحسين بن عليّ» : ١٧٦ ، طبعة القاهرة.