على قتالي لما ولّيت عنها ، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها» (١). وتعجب الرّاوي من صبر الحسين وإيمانه ، ونسي أنّه ابن من خاطب الله بقوله : «اللهمّ أنّك تعلم لو أنّي أعلم أنّ رضاك في أن أضع ظبّة سيفي في بطني ، ثمّ انحني عليه حتّى يخرج من ظهري لفعلت» (٢).
أنّ أهل البيت لا يقيمون وزنا لشيء في هذه الحياة ، ولا يكترثون ، ولو ملئت الأرض عليهم خيلا ، ورجالا ، ويصبرون على التّضحية بالنّفس ، والنّساء ، والأطفال ، ويطيقون كلّ حمل إلّا سخط الله وغضبه ، فإنّهم يفرون منه ، ويعجزون عنه ، ولا يستطيعون الصّبر على اليسير منه ، مهما تكن الظّروف.
وهنا تبرز خصائص الإمامة ، والعصمة (٣) ، ونجد السّر الّذي يميّز أهل البيت عن غيرهم من النّاس الّذين يصعب عليهم كلّ شيء إلّا معصية الله ، فإنّها أهون عندهم من التّنفس ، وشرب الماء ، أنّ الحسين بشر يأكل الطّعام ، ويمشي في الأسواق ، ولكنّه يحمل صفة تجعله فوق النّاس أجمعين ، وقد أشار النّبيّ صلىاللهعليهوآله إلى هذه الصّفة بقوله : «حسين منّي ، وأنا من حسين» (٤) ، ومحمّد من نور الله ،
__________________
(١) انظر ، نهج البلاغة : الرّسالة «٢٥».
(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ١ / ٣٣١٧ و : ٤ / ٢٢ و : ٥ / ٣٨ ، في عنوان «مقتل عمّار ....» ، المعيار الموازنة : ١٣٦ ، وقعة صفّين لنصر : ٣٢٠ ، سير أعلام النّبلاء : ٦ / ٦٥ ، الإصابة : ٤ / ٧٦٩.
(٣) استدل علماء الشّيعة على عصمة الإمام بأنّ الغاية من وجوده إرشاد النّاس إلى الحقّ ، وردعهم عن الباطل ، فلو أخطأ أو عصى لكان كمن يزيل القذارة بمثلها ، ولإفتقر الإمام إلى آخر ، ويتسلسل ، وهذا دليل نظري ، أمّا الدّليل العملي الملموس على عصمة عليّ وأولاده الأئمّة فسيرتهم وتضحياتهم في سبيل الحقّ ، والعدالة ، وكفى بموقف الحسين دليلا قاطعا ، وبرهانا ساطعا على عصمته. (منه قدسسره).
(٤) انظر صحيح التّرمذي : ١٣ / ١٩٥ ، و : ٥ / ٦٥٦ / ٣٧٧٥ ، و : ٢ / ٣٠٧ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٥١ ح ـ