الله لك ، أسألك أن تذكرني يوم القيامة عند جدّ الحسين» (١).
لقد دفعت هذه الحرّة المصونة المؤمنة بزوّجها إلى سعادة الدّارين ونالت الدّرجات العلى عند الله والنّاس ، فما زال اسمها يعلن على المنابر ويدوّن في الكتب مقرونا بالحمد والثّناء إلى يوم يبعثون ، وهي في الآخرة مع جدّ الحسين وأبيه وأمّه ، وحسن أولئك رفيقا ، وهكذا المرأة العاقلة المؤمنة تدفع بزوّجها إلى الخير ، وتردعه عن الشّر ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.
وكانت امرأة من بني بكر بن وائل مع زوّجها في أصحاب عمر بن سعد ، فلمّا رأت القوم قد اقتحموا على أطفال الحسين ، ونساؤه هاربات حاسرات ، يستغثنّ ويندبنّ ، ولا مغيث ، اسودّ الكون في وجهها ، وفار الدّم في قلبها وعروقها ، وأخذت سيفا ، وأقبلت نحو الفسطاط منادية : يا آل بكر أتسلب بنات رسول الله؟! لا حكم إلا لله! يا لثارات رسول الله! فأخذها زوّجها ، وردها إلى رحله (٢).
وليس من شك أنّ ثورة هذه السّيّدة النّبيلة قد بعثت الإستياء والنّقمة على الأمويّين ، وملأت النّفوس عليهم وعلى سلطانهم حقدا وغيظا ، وكلّ ما حدث في كربلاء ، وفي الكوفة ، وفي مسير السّبايا إلى الشّام كان من أجدى الدّعايات وأنفعها ضدّ الأمويّين.
أمر ابن زياد أن يطاف بالرّأس الشّريف في أزقّة الكوفة يهدد به كلّ من تحدّثه
__________________
(١) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٢٩٨ ، مقتل الحسين عليهالسلام ، لأبي مخنف : ٧٤ و ١١٣ ، روضة الواعظين : ١٧٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٤ ، و : ٤ / ٣٢٠ ، إعلام الورى : ١ / ٤٥٧ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ٩٥ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٢٥٠ ، البداية والنّهاية : ٨ / ١٩٣ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٦ ، تأريخ الطّبري : ٥ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧.
(٢) انظر ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٧٨.