كلّ مكان وزمان إلّا الأمويّين أعدى أعداء الإسلام يبطنون الكفر ، ويظهرون الإيمان رياء ونفاقا.
وبذلك نجد الجواب عن هذا السّؤال : لماذا صحب الحسين معه النّساء والأطفال إلى كربلاء؟! وما كان أغناه عن تعرضهم للسّبي والتّنكيل؟!.
لقد صحبهم معه الحسين ليطوفوا بهم في البلدان ، ويراهم كلّ إنسان مكشّفات الوجوه ، يقولون للنّاس ـ وفي أيديهم الأغلال والسّلاسل ـ : «أيّها النّاس انظروا ما فعلت أميّة الّتي تدّعي الإسلام بآل نبّيكم».
نقل عن السّبط ابن الجوزي عن جدّه أنّه قال : «ليس العجب أن يقتل ابن زياد حسينا ، وإنّما العجب كل العجب أن يضرب يزيد ثناياه بالقضيب ، ويحمل نساءه ، سبايا على أقتاب الجمال! ...» (١). لقد رأى النّاس في السّبايا من الفجيعة أكثر ممّا رأوا في قتل الحسين ، وهذا بعينه ما أراده الحسين من الخروج بالنّساء والصّبيان ، ولو لم يخرج بهنّ لما حصل السّبي والتّنكيل ، وبالتالي لم يتحقّق الهدف الّذي آراه الحسين من نهضته ، وهو إنهيار دولة الظّلم ، والطّغيان.
ولو افترض أن السّيّدة زينب بقيت في المدينة ، وقتل أخوها في كربلاء فماذا تصنع؟! وأي عمل تستطيع القيام به غير البكاء وإقامة العزاء؟!.
وهل ترضى لنفسها ، أو يرضى لها مسلم أن تركب جملا مكشوفة الوجه
__________________
(١) انظر ، تذكرة الخواصّ : ١٤٨ طبعة لكنهو ، صورة الأرض لابن حوقل : ١٦١ ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٣٥ ، مروج الذّهب للمسعودي : ٢ / ٩١ ، والعقد الفريد : ٢ / ٣١٣ ، أعلام النّساء : ١ / ٥٠٤ ، ومجمع الزّوائد : ٩ / ١٩٨ ، الشّعر والشّعراء : ١٥١ ، الأشباه والنّظائر : ٤ ، الأغاني : ١٢ / ١٢٠ ، الفتوح لابن أعثم : ٥ / ٢٤١ ، شرح مقامات الحريري : ١ / ١٩٣ ، البداية والنّهاية : ٨ / ١٩٧ ، الطّبري في تأريخه : ٦ / ٢٦٧ ، و : ٤ / ٣٥٢ ، الآثار الباقية للبيروني : ٣٣١ طبعة اوفسيت ، قريب منه.