(لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (١٤) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (١٥)
____________________________________
المحل بمعنى القوة وقيل محول من الحول أو الحيلة أعل على غير قياس ويعضده أنه قرىء بفتح الميم على أنه مفعل من حال يحول إذا احتال ويجوز أن يكون بمعنى الفقار فيكون مثلا فى القوة والقدرة كقولهم فساعد الله أشد وموساه أحد (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ) أى الدعوة الثابتة الواقعة فى محلها المجابة عند وقوعها والإضافة للإيذان بملابستها للحق واختصاصها به وكونه بمعزل من شائبة البطلان والضياع والضلال كما يقال كلمة الحق وقبل له دعوة الله سبحانه أى الدعوة اللائقة بحضرته كما فى قوله صلىاللهعليهوسلم فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله والتعرض لوصف الحقية لتربية معنى الاستجابة والأولى هو الأول لقوله تعالى (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) وتعلق الجملتين بما قبلهما من حيث إن إهلاك أربد وعامر محال من الله تعالى وإجابة لدعوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليهما إن كانت الآية نزلت فى شأنهما أو من حيث إنه وعيد للكفرة على مجادلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحلول محاله بهم وتحذير لهم بإجابة دعوته عليهم (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ) أى الأصنام* الذين يدعوهم المشركون فحذف العائد (مِنْ دُونِهِ) من دون الله عزوجل (لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) من طلباتهم* (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ) أى إلا استجابة كائنة كاستجابة الماء لمن بسط كفيه إليه من بعيد فالاستجابة* مصدر من المبنى للفاعل على ما يقتضيه الفعل الظاهر أعنى لا يستجيبون ويجوز أن يكون من المبنى للمفعول ويضاف إلى الباسط بناء على استلزام المصدر من المبنى للفاعل للمصدر من المبنى للمفعول وجودا وعدما فكأنه قيل لا يستجيبون لهم بشىء فلا يستجاب لهم إلا استجابة كائنة كاستجابة من بسط كفيه إلى الماء كما فى قوله[وعضة دهر يا ابن مروان لم تدع * من المال إلا مسحت أو بحلف] * أى لم تدع فلم ييق إلا مسحت أو مجلف (لِيَبْلُغَ) أى الماء بنفسه من غير أن يؤخذ بشىء من إناء ونحوه (فاهُ وَما هُوَ) أى الماء (بِبالِغِهِ) ببالغ فيه أبدا* لكونه جمادا لا يشعر بعطشه ولا ببسط يده إليه فضلا عن الاستطاعة لما أراده من البلوغ إلى فيه شبه حال المشركين فى عدم حصولهم فى دعاء آلهتهم على شىء أصلا وركاكة رأيهم فى ذلك بحال عطشان هائم لا يدرى ما يفعل قد بسط كفيه من بعيد إلى الماء يبغى وصوله إلى فيه من غير ملاحظة التشبيه فى جميع مفردات الأطراف فإن الماء فى نفسه شىء نافع بخلاف آلهتهم والمراد نفى الاستجابة رأسا إلا أنه قد أخرج الكلام مخرج التهكم بهم فقيل لا يستجيبون لهم شيئا من الاستجابة إلا استجابة كائنة فى هذه الصورة التى ليست فيها شائبة الاستجابة قطعا فهو فى الحقيقة من باب التعليق بالمحال وقرىء تدعون بالتاء وكباسط بالتنوين (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أى ذهاب وضياع وخسار (وَلِلَّهِ) وحده (يَسْجُدُ) يخضع وينقاد لا لشىء غيره استقلالا ولا اشتراكا فالقصر ينتظم القلب والإفراد (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الملائكة والثقلين* (طَوْعاً وَكَرْهاً) أى طائعين وكارهين أو انقياد طوع وكره أو حال طوع وكره فإن خضوع الكل لعظمة الله عز*