(قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (١٠)
____________________________________
* عليه وقوله تعالى (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ) اعتراض أو الموصول مبتدأ ولا يعلمهم إلى آخره خبره والجملة اعتراض والمعنى أنهم من الكثرة بحيث لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما بين عدنان وإسمعيل ثلاثون أبا لا يعرفون وكان ابن مسعود رضى الله تعالى عنه إذا قرأ هذه الآية* قال كذب النسابون يعنى أنهم يدعون علم الأنساب وقد نفى الله تعالى علمها عن العباد (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) * استئناف لبيان نبئهم (بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات الظاهرة والبينات الباهرة فبين كل رسول لأمته طريق الحق* وهداهم إليه ليخرجهم من الظلمات إلى النور (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) مشيرين بذلك إلى ألسنتهم وما يصدر عنها من المقالة اعتناء منهم بشأنها وتنبيها للرسل على تلقيها والمحافظة عليها وإقناطا لهم عن التصديق* والإيمان بإعلام أن لا جواب لهم سواه (وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) أى على زعمكم وهى البينات التى أظهروها حجة على صحة رسالاتهم كقوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) ومرادهم بالكفر بها الكفر بدلالتها على صحة رسالاتهم أو فعضوها غيظا وضجرا مما جاءت به الرسل كقوله تعالى (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) أو وضعوها عليها تعجبا منه واستهزاء به كمن غلبه الضحك أو إسكاتا للأنبياء عليهمالسلام وأمرا لهم بإطباق الأفواه أوردوها فى أفواه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يمنعونهم من التكلم تحقيقا أو تمثيلا أو جعلوا أيدى الأنبياء فى أفواههم تعجبا من عتوهم وعنادهم كما ينبىء عنه تعجبهم بقولهم أفى الله شك الخ وقيل الأيدى بمعنى الأيادى عبربها عن مواعظهم ونصائحهم وشرائعهم التى هى مدار النعم* الدينية والدنياوية لأنهم لما كذبوها فلم يقبلوها فكأنهم ردوها إلى حيث جاءت منه (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ) عظيم* (مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ) من الإيمان بالله والتوحيد فلا ينافى شكهم فى ذلك كفرهم القطعى بما أرسل به الرسل من البينات فإنهم كفروا بها قطعا حيث لم يعتدوا بها ولم يجعلوها من جنس المعجزات ولذلك قالوا فأتونا* بسلطان مبين وقرىء تدعون بالإدغام (مُرِيبٍ) موقع فى الريبة من أرابه أو ذى ريبة من أراب الرجل وهى قلق النفس وعدم اطمئنانها بالشىء (قالَتْ رُسُلُهُمْ) استئناف مبنى على سؤال ينساق إليه المقال كأنه* قيل فماذا قالت لهم رسلهم فأجيب بأنهم قالوا منكرين عليهم ومتعجبين من مقالتهم الحمقاء (أَفِي اللهِ شَكٌّ) بإدخال الهمزة على الظرف للإيذان بأن مدار الإنكار ليس نفس الشك بل وقوعه فيما لا يكاد يتوهم فيه الشك أصلا منقادين عن تطبيق الجواب على كلام الكفرة بأن يقولوا أأنتم فى شك مريب من الله تعالى مبالغة فى تنزيه ساحة السبحان عن شائبة الشك وتسجيلا عليهم بسخافة العقول أى أفى شأنه سبحانه من وجوده ووحدته ووجوب الإيمان به وحده شك ما وهو أظهر من كل ظاهر وأجلى من كل جلى حتى تكونوا من قبله فى شك مريب وحيث كان مقصدهم الأقصى الدعوة إلى الإيمان والتوحيد