(وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (٩)
____________________________________
عليهم صريحا وضمنه تذكير ما أصابهم قبل ذلك من الضراء ثم أمرهم ثانيا بذكر ما جرى من الله سبحانه من الوعد بالزيادة على تقدير الشكر والوعيد بالعذاب على تقدير الكفر والمراد بتذكير الأوقات تذكير ما وقع فيها من الحوادث مفصلة إذ هى محيطة بذلك فإذا ذكرت ذكر ما فيها كأنه مشاهد معاين (لَئِنْ شَكَرْتُمْ) يا بنى إسرائيل ما خولتكم من نعمة الإنجاء وإهلاك العدو وغير ذلك من النعم والآلاء الفائتة للحصر وقابلتموه بالإيمان والطاعة (لَأَزِيدَنَّكُمْ) نعمة إلى نعمة (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ) ذلك وغمصتموه (إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) فعسى يصيبكم منه ما يصيبكم ومن عادة الكرام التصريح بالوعد والتعريض الوعيد فما ظك بأكرم الأكرمين ويجوز أن يكون المذكور تعليلا للجواب المحذوف أى لأعذبنكم واللام فى الموضعين موطئة للقسم وكل من الجوابين سادمسد جوابى الشرط والقسم والجملة إما مفعول لتأذن لأنه ضرب من القول أو لقول مقدر بعده كأنه قيل وإذ تأذن ربكم فقال الخ (وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا) نعمه ٨ تعالى ولم تشكروها (أَنْتُمْ) يا بنى إسرائيل (وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) من الخلائق (جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ) عن* شكركم وشكر غيركم (حَمِيدٌ) مستوجب للحمد بذاته لكثرة ما يوجبه من أياديه وإن لم يحمده أحد أو* محمود بحمد ، الملائكة بل كل ذرة من ذرات العالم ناطقة بحمده والحمد حيث كان بمقابلة النعمة وغيرها من الفضائل كان أدل على كماله سبحانه وهو تعليل لما حذف من جواب إن أى إن تكفروا لم يرجع وباله إلا عليكم فإن الله تعالى لغنى عن شكر الشاكرين ولعله عليه الصلاة والسلام إنما قاله عند ما عاين منهم دلائل العناد ومخايل الإصرار على الكفر والفساد وتيقن أنه لا ينفعهم الترغيب ولا التعريض بالترهيب أو قاله غب تذكيرهم بما ذكر من قول الله عز سلطانه وتحقيقا لمضمونه وتحذيرا لهم من الكفران ثم شرع فى الترهيب بتذكير ما جرى على الأمم الخالية فقال (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ليتدبروا ما أصاب كل واحد من حزبى المؤمن والكافر فيقلعوا عما هم عليه من الشر وينيبوا إلى الله تعالى وقيل هو ابتداء كلام من الله تعالى خطابا للكفرة فى عهد النبى صلىاللهعليهوسلم فيختص تذكير موسى عليه الصلاة والسلام بما اختص ببني اسرائيل من السراء والضراء والأيام بالأيام الجارية عليهم فقط وفيه ما لا يخفى من البعد وأيضا لا يظهر حينئذ وجه تخصيص تذكير الكفرة الذين فى عهد النبى صلىاللهعليهوسلم بما أصاب أولئك المعدودين مع أن غيرهم أسوة لهم فى الخلو قبل هؤلاء (قَوْمِ نُوحٍ) بدل من الموصول أو عطف بيان (وَعادٍ) معطوف* على (قَوْمِ نُوحٍ (وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) أى من هؤلاء المذكورين عطف عام على (قَوْمِ نُوحٍ) وما عطف*