(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (٧)
____________________________________
عن غيرهم فإن النبيين حاصل بالنسبة إلى الكل وتقديم الصبار على الشكور لتقدم متعلق الصبر أعنى البلاء على متعلق الشكر أعنى النعماء وكون الشكر عاقبة الصبر (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) شروع فى بيان تصديه عليه الصلاة والسلام لما أمر به من التذكير للإخراج المذكور وإذ منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به النبى صلىاللهعليهوسلم وتعليق الذكر بالوقت مع أن المقصود تذكير ما وقع فيه من الحوادث قد مر سره* غير مرة أى اذكر لهم وقت قوله عليه الصلاة والسلام لقومه (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) بدأ عليه الصلاة والسلام بالترغيب لأنه عند النفس أقبل وهى إليه أميل والظرف متعلق بنفس النعمة إن جعلت مصدرا أو بمحذوف وقع حالا منها إن جعلت اسما أى اذكروا إنعامه عليكم أو اذكروا نعمته كائنة عليكم وكذلك* كلمة إذ فى قوله تعالى (إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) أى اذكروا إنعامه عليكم وقت إنجائه إياكم من آل فرعون أو اذكروا نعمة الله مستقرة عليكم وقت إنجائه إياكم منهم أو بدل اشتمال من نعمة الله مرادا بها الإنعام* أو العطية (يَسُومُونَكُمْ) يبغونكم من سامه خسفا إذا أولاه ظلما وأصل السوم الذهاب فى طلب الشىء* (سُوءَ الْعَذابِ) السوء مصدر ساء يسوء والمراد به جنس العذاب السيىء أو استعبادهم واستعمالهم فى* الأعمال الشاقة والاستهانة بهم وغير ذلك مما لا يحصرو نصبه على أنه مفعول ليسومونكم (وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) المولودين وإنما عطفه على يسومونكم إخراجا له عن مرتبة العذاب المعتاد وإنما فعلوا ذلك لأن فرعون رأى فى المنام أو قال له الكهنة أنه سيولد منهم من يذهب بملكه فاجتهدوا فى ذلك فلم يغن عنهم من قضاء الله* شيئا (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) أى يبقونهن فى الحياة مع الذل والصغار ولذلك عد من جملة البلاء والجمل أحوال* من آل فرعون أو من ضمير المخاطبين أو منهما جميعا لأن فيها ضمير كل منهما (وَفِي ذلِكُمْ) أى فيما ذكر من* أفعالهم الفظيعة (بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أى ابتلاء منه لا أن البلاء عين تلك الأفعال اللهم إلا أن تجعل فى تجريدية* فنسبته إلى الله تعالى إما من حيث الخلق أو الأقدار والتمكين (عَظِيمٌ) لا يطاق ويجوز أن يكون المشار إليه الإنجاء من ذلك والبلاء الابتلاء بالنعمة وهو الأنسب كما يلوح به التعرض لوصف الربوبية وعلى الأول يكون ذلك باعتبار المآل الذى هو الإنجاء أو باعتبار أن بلاء المؤمن تربية له (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ) من جملة مقال موسى عليه الصلاة والسلام لقومه معطوف على نعمة الله أى اذكروا نعمة الله عليكم واذكروا حين تأذن ربكم أى آذن إيذانا بليغا لا تبقى معه شائبة شبهة لما فى صيغة التفعل من معنى التكلف المحمول فى حقه سبحانه على غايته التى هى الكمال وقيل هو معطوف على قوله تعالى (إِذْ أَنْجاكُمْ) أى اذكروا نعمته تعالى فى هذين الوقتين فإن هذا التأذن أيضا نعمة من الله تعالى عليهم ينالون بها خيرى الدنيا والآخرة وفى قراءة ابن مسعود رضى الله تعالى عنه وإذ قال ربكم ولقد ذكرهم عليه الصلاة والسلام أولا بنعمائه تعالى