١٦ ـ سورة النحل
(مكية وآياتها مائة وثمان وعشرون)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١)
____________________________________
(سورة النحل مكية إلا (وَإِنْ عاقَبْتُمْ) إلى آخرها ، وهى مائة وثمان وعشرون آية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (أَتى أَمْرُ اللهِ) أى الساعة أو ما يعمها وغيرها من العذاب الموعود للكفرة عبر عن ذلك بأمر الله للتفخيم والتهويل وللإيذان بأن تحققه فى نفسه وإتيانه منوط بحكمه النافذ وقضائه الغالب وإتيانه عبارة عن دنوه واقترابه على طريقة نظم المتوقع فى سلك الواقع أو عن إتيان مباديه القريبة على نهج إسناد حال الأسباب إلى المسببات وأبا ما كان ففيه تنبيه على كمال قربه من الوقوع واتصاله* وتكميل لحسن موقع التفريع فى قوله عزوجل (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) فإن النهى عن استعجال الشىء وإن صح تفريعه على قرب وقوعه أو على وقوع أسبابه القريبة لكنه ليس بمثابة تفريعه على وقوعه إذ بالوقوع يستحيل الاستعجال رأسا لا بما ذكر من قرب وقوعه ووقوع مباديه والخطاب للكفرة خاصة كما يدل عليه القراءة على صيغة نهى الغائب واستعجالهم وإن كان بطريق الاستهزاء لكنه حمل على الحقيقة ونهوا عنه بضرب من التهكم لا مع المؤمنين سواء أريد بأمر الله ما ذكر أو العذاب الموعود للكفرة خاصة أما الأول فلأنه لا يتصور من المؤمنين استعجال الساعة أو ما يعمها وغيرها من العذاب حتى يعمهم النهى عنه وأما الثانى فلأن استعجالهم له بطريق الحقيقة واستعجال الكفرة بطريق الاستهزاء كما عرفته فلا ينتظمهما صيغة واحدة والالتجاء إلى إرادة معنى مجازى يعمهما معا من غير أن يكون هناك رعاية نكتة سرية تعسف لا يليق بشأن التنزيل الجليل وما روى من أنه لما نزلت اقتربت الساعة قال الكفار فيما بينهم إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما تعملون حتى ننظر ما هو كائن فلما تأخرت قالوا ما نرى شيئا فنزلت اقترب للناس حسابهم فأشفقوا وانتظروا قربها فلما امتدت الأيام قالوا يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به فنزلت أتى أمر الله فوثب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرفع الناس رموسهم فلما نزل فلا تستعجلوه اطمأنوا فليس فيه دلالة على عموم الخطاب كما قيل لا لما توهم من أن التصدير بالفاء يأباه فإنه بمعزل عن إبائه حسبما تحققته بل لأن مناط اطمئنانهم إنما وقوفهم على أن المراد بالإتيان هو الإتيان الادعائى لا الحقيقى الموجب لاستحالة الاستعجال المستلزم لامتناع النهى عنه لما أن النهى عن الشىء يقتضى إمكانه فى الجملة ومدار ذلك الوقوف إنما هو النهى عن الاستعجال المستلزم لإمكانه المقتضى لعدم وقوع المستعجل بعد ولا يختلف ذلك باختلاف المستعجل كائنا من كان بل فيه دلالة واضحة على عدم