(قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٥) قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (٧٦) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) (٧٧)
____________________________________
(إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ) قيل كان الغلام يلعب مع الغلمان ففتل عنقه وقيل ضرب برأسه الحائط وقيل أضجعه* فذبحه بالسكين (قالَ) أى موسى عليه الصلاة والسلام (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً) طاهرة من الذنوب وقرىء* زاكية (بِغَيْرِ نَفْسٍ) أى بغير قتل نفس محرمة وتخصيص نفى هذا المبيح بالذكر من بين سائر المبيحات من الكفر بعد الإيمان والزنا بعد الإحصان لأنه الأقرب إلى الوقوع نظرا إلى حال الغلام ولعل تغيير النظم الكريم بجعل ما صدر عن الخضر عليه الصلاة والسلام ههنا من جملة الشرط وإبراز ما صدر عن موسى عليه الصلاة والسلام فى معرض الجزاء المقصود إفادته مع أن الحقيق بذلك إنما هو ما صدر عن الخضر عليه الصلاة والسلام من الخوارق البديعة لاستشراف النفس إلى ورود خبرها لقلة وقوعها فى نفس الأمر وندرة وصول خبرها إلى الأذهان ولذلك روعيت تلك النكتة فى الشرطية الأولى لما أن صدور الخوارق منه عليه الصلاة والسلام خرج بوقوعه مرة مخرج العادة فانصرفت النفس عن ترقبه إلى ترقب أحوال موسى عليه الصلاة والسلام هل يحافظ على مراعاة شرطه بموجب وعده الأكيد عند مشاهدة خارق آخر أو يسارع إلى المناقشة كما مر فى المرة الأولى فكان المقصود إفادة ما صدر عنه عليه الصلاة والسلام ففعل ما فعل ولله در شأن التنزيل وأما ما قيل من أن القتل أقبح والاعتراض عليه أدخل فكان جديرا بأن يجعل عمدة فى الكلام فليس من دفع الشبهة فى شىء بل هو مؤيد لها فإن كون القتل أقبح من مبادى قلة صدوره عن المؤمن العاقل وندرة وصول خبره إلى الأسماع وذلك مما يستدعى جعله مقصودا بالذات وكون الاعتراض عليه أدخل من موجبات كثرة صدوره عن كل عاقل وذلك مما لا يقتضى جعله* كذلك (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) قيل معناه أنكر من الأول إذ لا يمكن تداركه كما يمكن تدارك الأول بالسد ونحوه وقيل الأمر أعظم من النكرة لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفينة (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) زيد لك لزيادة المكافحة بالعتاب على رفض الوصية وفلة التثبت والصبر لما تكرر منه الاشمئزاز والاستنكار ولم يرعو بالتذكير حتى زاد فى النكير فى المرة الثانية (قالَ) أى* موسى عليه الصلاة والسلام (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها) أى بعد هذه المرة (فَلا تُصاحِبْنِي) وقرىء من* الإفعال أى لا تجعلنى صاحبك (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) أى قد أعذرت ووجدت من قبلى عذرا حيث خالفتك ثلاث مرات عن النبى صلىاللهعليهوسلم رحم الله أخى موسى استحيا فقال ذلك لو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب وقرىء لدنى بتخفيف النون وقرىء بسكون الدال كعضد فى عضد (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا