(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (٦٢)
____________________________________
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) يقال لعقب الخير خلف بفتح اللام ولعقب شر خلف بالسكون أى فعقبهم وجاء بعدهم عقب سوء (أَضاعُوا الصَّلاةَ) وقرىء الصلوات أى تركوها أو أخروها عن وقتها (وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) من شرب الخمر واستحلال نكاح الأخت من الأب والانهماك فى فنون المعاصى وعن على رضى الله عنه هم من بنى المشيد وركب المنظور ولبس المشهور (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) أى شرا فإن كل شر عند العرب غى وكل خير رشاد كقوله[فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغولا يعدم على الغى لائما] وعن الضحاك جزاء غى كقوله تعالى (يَلْقَ أَثاماً) أى جزاء أثام أوغيا عن طريق الجنة وقيل غى واد فى جهنم تستعيذ منه أوديتها وقوله تعالى (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) يدل على أن الآية فى حق الكفرة (فَأُولئِكَ) إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما فى حين الصلة وما فيه من معنى البعد لما مر مرارا أى فأولئك المنعوتون بالتوبة والإيمان والعمل الصالح (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) بموجب الوعد المحتوم وقرىء يدخلون على البناء للمفعول (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) أى لا ينقصون من جزاء أعمالهم شيئا أولا ينقصون شيئا من النقص وفيه تنبيه على أن كفرهم السابق لا يضرهم ولا ينقص أجورهم (جَنَّاتِ عَدْنٍ) بدل من الجنة بدل البعض لاشتمالها عليها وما بينهما اعتراض أو نصب على المدح وقرىء بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أى هى أو تلك جنات الخ أو مبتدأ خبره التى وعد الخ وقرىء جنة عدن نصبا ورفعا وعدن علم لمعنى العدن وهو الإقامة كما أن فينة وسحر وأمس فيمن لم يصرفها أعلام لمعانى الفينة وهى الساعة التى أنت فيها والسحر والأمس فجرى لذلك مجرى العدن أو هو علم لأرض الجنة خاصة ولو لا ذلك لما ساغ إبدال ما أضيف إليه من الجنة بلا وصف عند غير البصريين ولا وصفه بقوله تعالى (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ) وجعله بدلا منه خلاف الظاهر فإن الموصول فى حكم المشتق وقد نصوا على أن البدل بالمشتق ضعيف والتعرض لعنوان الرحمة للإيذان بأن وعدها وإنجازه لكمال سعة رحمته تعالى والباء فى قوله تعالى (بِالْغَيْبِ) متعلقة بمضمر هو حال من المضمر العائد إلى الجنات أو من عباده أى وعدها إياهم ملتبسة أو ملتبسين بالغيب أى غائبة عنهم غير حاضرة أو غائبين عنها لا يرونها وإنما آمنوا بها بمجرد الإخبار أو بمضمر هو سبب للوعد أى وعدها إياهم بسبب إيمانهم (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ) أى موعوده كائنا ما كان فيدخل فيه الجنات الموعودة دخولا أوليا ولما كانت هى مثابة يرجع إليها قيل (مَأْتِيًّا) أى يأتيه من وعد له لا محالة بغير خلف وقيل هو مفعول بمعنى فاعل وقيل مأتيا أى مفعولا منجزا من أتى إليه إحسانا أى فعله (لا يَسْمَعُونَ