(ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) (١٠٠)
____________________________________
كائنين عليها سحبا كقوله تعالى (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) أو مشيا فقد روى أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم كيف يمشون على وجوههم قال إن الذى أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم (عُمْياً) * حال من الضمير المجرور فى الحال السابقة (وَبُكْماً وَصُمًّا) لا يبصرون ما يقر أعينهم ولا ينطقون ما يقبل* منهم ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم لما قد كانوا فى الدنيا لا يستبصرون بالآيات والعبر ولا ينطقون بالحق ولا يستمعونه ويجوز أن يحشروا بعد الحساب من الموقف إلى النار موفى القوى والحواس وأن يحشروا كذلك ثم يعاد إليهم قواهم وحواسهم فإن إدراكاتهم بهذه المشاعر فى بعض المواطن مما لا ريب فيه (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) إما حال أو استئناف وكذا قوله تعالى (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) أى كلما سكن لهبها بأن أكلت جلودهم* ولحومهم ولم يبق فيهم ما تتعلق به النار وتحرقه زدناهم توقدا بأن بدلناهم جلودا غيرها فعادت ملتهبة ومستعرة ولعل ذلك عقوبة لهم على إنكارهم الإعادة بعد الفناء بتكريرها مرة بعد أخرى ليروها عينا حيث لم يعلموها برهانا كما يفصح عنه قوله تعالى (ذلِكَ) أى ذلك العذاب (جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ) أى بسبب أنهم (كَفَرُوا بِآياتِنا) العقلية والنقلية الدالة على صحة الإعادة دلالة واضحة فذلك مبتدأ وجزاؤهم خبره ويجوز أن يكون مبتدأ ثانيا وبأنهم خبره والجملة خبرا لذلك وأن يكون جزاؤهم بدلا من ذلك أو بيانا له والخبر هو الظرف (وَقالُوا) * منكرين أشد الإنكار (أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) إما مصدر مؤكد من غير لفظه أى لمبعوثون بعثا جديدا وإما حال أى مخلوقين مستأنفين (أَوَلَمْ يَرَوْا) أى ألم يتفكروا ولم يعلموا (أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) من غير مادة مع عظمهما (قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) فى الصغر على أن المثل مقحم والمراد* بالخلق الإعادة كما عبر عنها بذلك حيث قيل خلقا جديدا (وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ) عطف على (أَوَلَمْ يَرَوْا) فإنه* فى قوة قدر أو او المعنى قد علموا أن من قدر على خلق السموات والأرض فهو قارد على خلق أمثالهم من الإنس وجعل لهم ولبعثهم أجلا محققا لا ريب فيه هو يوم القيامة (فَأَبَى الظَّالِمُونَ) وضع موضع الضمير تسجيلا عليهم* بالظلم وتجاوز الحد بالمرة (إِلَّا كُفُوراً) أى جحودا (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) خزائن رزقه التى أفاضافها على كافة الموجودات وأنتم مرتفع بفعل يفسره المذكور كقول حاتم لو ذات سوار لطمتنى وفائدة ذلك المبالغة والدلالة على الاختصاص (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ) لبخليم (خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) مخافة النفاد*