(قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً (٩٥) قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) (٩٧)
____________________________________
شبههم ملجئا إلى الإيمان يعكسون الأمر ويجعلونه مانعا منه (قُلْ) لهم أولا من قبلنا تبيينا للحكمة* وتحقيقا للحق المزيح للريب (لَوْ كانَ) أى لو وجد واستقر (فِي الْأَرْضِ) بدل البشر (مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ) قارين فيها من غير أن يعرجوا فى السماء ويعلموا ما يجب أن يعلم (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) يهديهم إلى الحق ويرشدهم إلى الخير لتمكنهم من الاجتماع والتلقى منه وأما عامة البشر فهم بمعزل من استحقاق المفاوضة الملكية فكيف لا وهى منوطة بالتناسب والتجانس فبعث الملك إليهم مزاحم للحكمة التى عليها مبنى التكوين والتشريع وإنما يبعث الملك من بينهم إلى الخواص المختصين بالنفوس الزكية المؤيدين بالقوة القدسية المتعلقين بكلا العالمين الروحانى والجسمانى ليتلقوا من جانب ويلقوا إلى جانب وقوله تعالى (مَلَكاً) يحتمل أن يكون حالا من (رَسُولاً) وأن يكون موصوفا به وكذلك (بَشَراً) فى قوله تعالى (أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) والأول أولى (قُلْ) لهم ثانيا من جهتك بعد ما قلت لهم من قبلنا ما قلت* وبينت لهم ما تقتضيه الحكمة فى البعثة ولم يرفعوا إليه رأسا (كَفى بِاللهِ) وحده (شَهِيداً) على أنى أديت ما على من مواجب الرسالة أكمل أداء وأنكم فعلتم ما فعلتم من التكذيب والعناد وتوجيه الشهادة إلى كونه* صلىاللهعليهوسلم رسولا بإظهار المعجزة على وفق دعواه كما اختير لا يساعده قوله تعالى (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) وما بعده من* التعليل وإنما لم يقل بيننا تحقيقا للمفارقة وإبانة للمباينة وشهيدا إما حال أو تمييز (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ) من* الرسل والمرسل إليهم (خَبِيراً بَصِيراً) محيطا بظواهر أحوالهم وبواطنها فيجازيهم على ذلك وهو تعليل الكفاية وفيه تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وتهديد للكفار (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ) كلام مبتدأ يفصل ما أشار إليه* الكلام السابق من مجازاة العباد إشارة إجمالية أى من يهده الله إلى الحق بما جاء من قبله من الهدى (فَهُوَ الْمُهْتَدِ) إليه وإلى ما يؤدى إليه من الثواب أو المهتد إلى كل مطلوب (وَمَنْ يُضْلِلْ) أى يخلق فيه الضلال* بسوء اختياره كهؤلاء المعاندين (فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ) أوثر ضمير الجماعة اعتبارا لمعنى من غب ما أوثر فى مقابله الإفراد نظرا إلى لفظها تلويحا بوحدة طريق الحق وقلة سالكيه وتعدد سبل الضلال وكثرة الضلال* (أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) من دون الله تعالى أى أنصارا يهدونهم إلى طريق الحق أو إلى طريق يوصلهم إلى مطالبهم الدنيوية والأخروية أو إلى طريق النجاة من العذاب الذى يستدعيه ضلالهم على معنى لن تجد لأحد منهم* وليا على ما تقتضيه قضية مقابلة الجمع بالجمع من انقسام الآحاد إلى الآحاد (وَنَحْشُرُهُمْ) التفات من الغيبة* إلى التكلم إيذانا بكمال الاعتناء بأمر الحشر (يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) حال من الضمير المنصوب أى