(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (٩٣) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) (٩٤)
____________________________________
يعنون بذلك قوله تعالى (أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) أى مقابلا كالعشير* والمعاشر أو كفيلا يشهد بصحة ما تدعيه وهو حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها أى والملائكة قبلاء كما حذف الخبر فى قوله [فإنى وقيار بها لغريب] أو جماعة فيكون حالا من الملائكة (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) من ذهب وقد قرىء به وأصله الزينة (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) أى فى معارجها* فحذف المضاف يقال رقى فى السلم وفى الدرجة (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) أى لأجل رقيك فيها وحده أو لن* نصدق رقيك فيها (حَتَّى تُنَزِّلَ) منها (عَلَيْنا كِتاباً) فيه تصديقك (نَقْرَؤُهُ) نحن من غير أن يتلقى من قبلك* عن ابن عباس رضى الله عنهما قال عبد الله بن أبى أمية لن نؤمن لك حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتى معك بصك منشور معه أربعة من الملائكة يشهدون أنك كما تقول وما كانوا يقصدون بهاتيك الاقتراحات الباطلة إلا العناد واللجاج ولو أنهم أوتوا أضعاف ما اقترحوا من الآيات مازداهم ذلك إلا مكابرة وإلا فقد كان يكفيهم بعض ما شاهدوا من المعجزات التى تخر لهاصم الجبال (قُلْ) * تعجبا من شدة شكيمتهم وتنزيها لساحة السبحات عما لا يكاد يليق بها من مثل هذه الاقتراحات الشنيعة التى تكاد السموات يتفطرن منها أو عن طلبك ذلك وتنبيها على بطلان ما قالوه (سُبْحانَ رَبِّي) وقرىء* قال سبحان ربى (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً) لا ملكا حتى يتصور منى الرقى فى السماء ونحوه (رَسُولاً) مأمورا* من قبل ربى بتبليغ الرسالة من غير أن يكون لى خيرة فى الأمر كسائر الرسل وكانوا لا يأتون قومهم إلا بما يظهره الله على أيديهم حسبما يلائم حال قومهم ولم يكن أمر الآيات إليهم ولا لهم أن يتحكموا على الله سبحانه بشىء منها وقوله (بَشَراً) خبر ل (كُنْتُ) و (رَسُولاً) صفته (وَما مَنَعَ النَّاسَ) أى الذين حكيت أباطيلهم (أَنْ يُؤْمِنُوا) مفعول ثان ل (مَنَعَ) وقوله (إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) أى الوحى ظرف لمنع أو يؤمنوا أى وما* منعهم وقت مجىء الوحى المقرون بالمعجزات المستدعية للإيمان أن يؤمنوا بالقرآن وبنبوتك أو ما منعهم أن يؤمنوا بذلك وقت مجىء ما ذكر (إِلَّا أَنْ قالُوا) فى محل الرفع على أنه فاعل منع أى إلا قولهم (أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) منكرين أن يكون رسول الله تعالى من جنس البشر وليس المراد أن هذا القول صدر عن بعضهم فمنع بعضا آخر منهم بل المانع هو الاعتقاد الشامل للكل المستتبع لهذا القول منهم وإنما عبر عنه بالقول إيذانا بأنه مجرد قول يقولونه بأفواههم من غير أن يكون له مفهوم ومصداق وحصر المانع من الإيمان فيما ذكر مع أن لهم موانع شتى لما أنه معظمها أو لأنه هو المانع بحسب الحال أعنى عند سماع الجواب بقوله تعالى (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) إذ هو الذى يتشبثون به حينئذ من غير أن يخطر ببالهم شبهة أخرى من شههم الواهية وفيه إيذان بكمال عنادهم حيث يشير إلى أن الجواب المذكور مع كونه حاسما لمواد