(وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٤٩) قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (٥٠) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) (٥١)
____________________________________
(وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً) استفهام إنكارى مفيد لكمال الاستبعاد والاستنكار للبعث بعد ما آل الحال إلى هذا المآل لما بين غضاضة الحى ويبوسة الرميم من التنافى كأن استحالة الأمر من الظهور بحيث لا يقدر المخاطب على التكلم به والرفات ما بولغ فى دقه وتفتيته وقال الفراء هو التراب وهو قول مجاهد وقيل هو الحطام وإذا متمحضة للظرفية وهو الأظهر والعامل فيها ما دل عليه قوله تعالى (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) لا نفسه* لأن ما بعد إن والهمزة واللام لا يعمل فيما قبلها وهو نبعث أو نعاد وهو المرجع للإنكار وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيصه به فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت وإن كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه إليه فى حالة منافية له وتكرير الهمزة فى قولهم أئنا لتأكيد النكير وتحلية الجملة بأن واللام لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد كما عسى يتوهم من ظاهر النظم فإن تقديم الهمزة لاقتضائها الصدارة كما فى مثل قوله تعالى (أَفَلا تَعْقِلُونَ) ونظائره على رأى الجمهور فإن المعنى عندهم تعقيب الإنكار لا إنكار التعقيب كما هو المشهور وليس مدار إنكارهم كونهم ثابتين فى المبعوثية بالفعل فى حال كونهم عظاما ورفاتا كما يتراءى من ظاهر الجملة الاسمية بل كونهم بعرضية ذلك واستعدادهم له ومرجعه إلى إنكار البعث بعد تلك الحالة وفيه من الدلالة على غلوهم فى الكفر وتماديهم فى الضلال ما لا مزيد عليه (خَلْقاً جَدِيداً) نصب* على المصدر من غير لفظه أو الحالية على أن الخلق بمعنى المخلوق (قُلْ) جوابا لهم وتقريبا لما استبعدوه ٥٠ (كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) (أَوْ خَلْقاً) آخر (مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) أى يعظم عندكم عن قبول الحياة لكمال المباينة والمنافاة بينها وبينه فإنكم مبعوثون ومعادون لا محالة (فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا) مع ما بيننا وبين* الإعادة من مثل هذه المباعدة والمباينة (قُلِ) لهم تحقيقا للحق وإزاحة للاستبعاد وإرشادا لهم إلى* طريقة الاستدلال (الَّذِي) أى يعيدكم القادر العظيم الذى (فَطَرَكُمْ) اخترعكم (أَوَّلَ مَرَّةٍ) من غير* مثال يحتذيه ولا أسلوب ينتحيه وكنتم ترابا ما شم رائحة الحياة أليس الذى يقدر على ذلك بقادر على أن يعيد العظام البالية إلى حالتها المعهودة بلى إنه على كل شىء قدير (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ) أى* سيحركونها نحوك تعجبا وإنكارا (وَيَقُولُونَ) استهزاء (مَتى هُوَ) أى ما ذكرته من الإعادة (قُلِ) * لهم (عَسى أَنْ يَكُونَ) ذلك (قَرِيباً) نصب على أنه خبر ليكون أو ظرف على أن كان تامة أى أن* يقع فى زمان قريب ومحل أن مع ما فى حين ها إما نصب على أنه خبر لعسى وهى ناقصة واسمها ضمير عائد إلى ما عاد إليه هو أى عسى البعث أن يكون قريبا أو عسى البعث يقع فى زمان قريب أو رفع على أنه فاعل