(يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (٥٢) وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (٥٣) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) (٥٥)
____________________________________
لعسى وهى تامة أى عسى كونه قريبا أو وقوعه فى زمان قريب (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) منصوب بفعل مضمر أى اذكروا أو على أنه بدل من (قَرِيباً) على أنه ظرف أو بيكون تامة بالاتفاق أو ناقصة عند من يجوز أعمال الناقصة فى الظروف أو بضمير المصدر المستكن فى عسى أو يكون أعنى البعث عند من يجوز إعمال ضمير المصدر كما فى قول زهير[وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم * وما هو عنها بالحديث المرجم] فهو ضمير* المصدر وقد تعلق به ما بعده من الجار (فَتَسْتَجِيبُونَ) أى يوم يبعثكم فتبعثون وقد استعير لهما الدعاء* والإجابة إيذانا بكمال سهولة التأتى وبأن المقصود منهما الإحضار للمحاسبة والجواب (بِحَمْدِهِ) حال من ضمير تستجيبون أى منقادين له حامدين لما فعل بكم غير مستعصين أو حامدين له تعالى على كمال قدرته* عند مشاهدة آثارها ومعاينة أحكامها (وَتَظُنُّونَ) عطف على تستجيبون أى تظنون عند ما ترون ما ترون* من الأمور الهائلة (إِنْ لَبِثْتُمْ) أى ما لبثتم فى القبور (إِلَّا قَلِيلاً) كالذى مر على قرية أو ما لبثتم فى الدنيا (وَقُلْ لِعِبادِي) أى المؤمنين (يَقُولُوا) عند محاورتهم مع المشركين (الَّتِي) أى الكلمة التى (هِيَ أَحْسَنُ) * ولا يخاشنوهم كقوله تعالى (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) أى يفسد ويهيج الشر والمراء ويغرى بعضهم على بعض لتقع بينهم المشاقة والمشارة والمعارة والمضارة فلعل* ذلك يؤدى إلى تأكد العناد وتمادى الفساد فهو تعليل للأمر السابق وقرىء بكسر الزاء (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ) قدما (لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) ظاهر العداوة وهو تعليل لما سبق من أن الشيطان ينزغ بينهم (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) بالتوفيق للإيمان (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) بالإمانة على الكفر وهذا تفسير التى هى أحسن وما بينهما اعتراض أى قولوا لهم هذه الكلمة وما يشاكلها ولا تصرحوا بأنهم من أهل النار فإنه* مما يهيجهم على الشر مع أن العاقبة مما لا يعلمه إلا الله سبحانه فعسى يهديهم إلى الإيمان (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) موكولا إليك أمورهم تقسرهم على الإيمان وإنما أرسلناك بشيرا ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المحاقة والمشاقة وذلك قبل نزول آية السيف وقيل نزلت فى عمر رضى الله عنه شتمه رجل فأمر بالعفو وقيل أفرط أذية المشركين بالمؤمنين فشكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزلت وقيل الكلمة التى هى أحسن أن يقولوا يهديكم الله ويرحمكم الله (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)