(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦) أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً (٥٧) وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (٥٨)
____________________________________
وتفاصيل أحوالهم الظاهرة والكامنة التى بها يستأهلون الاصطفاء والاجتباء فيختار منهم لنبوته وولايته من يشاء ممن يستحقه وهو رد عليهم إذ قالوا بعيد أن يكون يتيم أبى طالب نبيا وأن يكون العراة الجوع أصحابه دون أن يكون ذلك من الأكابر والصناديد وذكر من فى السموات لإبطال قولهم لو لا أنزل علينا الملائكة وذكر من فى الأرض لرد قولهم لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) بالفضائل النفسانية والتنزه عن العلائق الجسمانية لا بكثرة الأموال والأتباع (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) بيان لحيثية تفضيله عليه الصلاة والسلام فإن ذلك إيتاء الزبور لا إيتاء الملك* والسلطنة وفيه إيذان بتفضيل النبى صلىاللهعليهوسلم فإن نعوته الجليلة وكونه خاتم النبيين مسطورة فى الزبور وأن المراد بعباد الله الصالحين فى قوله تعالى (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) هو النبى صلىاللهعليهوسلم وأمته وتعريف الزبور تارة وتنكيره أخرى إما لأنه فى الأصل فعول بمعنى المفعول كالحلوب أو مصدر بمعناه كالقول وإما لأن المراد آتينا داود زبورا من الزبر أو بعضا من الزبور فيه ذكره صلىاللهعليهوسلم وقرىء بضم الزاى على أنه جمع زبر بمعنى مزبور (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) أنها آلهة (مِنْ دُونِهِ) تعالى من الملائكة والمسيح وعزير (فَلا يَمْلِكُونَ) فلا يستطيعون (كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ) بالمرة كالمرض والفقر والقحط ونحو ذلك* (وَلا تَحْوِيلاً) أى ولا تحويله إلى غيركم (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ) أى أولئك الآلهة الذين يدعوهم المشركون من المذكورين (يَبْتَغُونَ) يطلبون لأنفسهم (إِلى رَبِّهِمُ) ومالك أمورهم (الْوَسِيلَةَ) القربة بالطاعة* والعبادة (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) بدل من فاعل يبتغون وأى موصولة أى يبتغى من هو أقرب إليه تعالى الوسيلة* فكيف بمن دونه أو ضمن الابتغاء معنى الحرص فكأنه قيل يحرصون أيهم يكون أقرب إليه تعالى بالطاعة والعبادة (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ) بها (وَيَخافُونَ عَذابَهُ) بتركها كدأب سائر العباد فأين هم من كشف الضر* فضلا عن الإلهية (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) حقيقا بأن يحذره كل أحد حتى الملائكة والرسل عليهم* الصلاة والسلام وهو تعليل لقوله تعالى (وَيَخافُونَ عَذابَهُ) وتخصيصه بالتعليل لما أن المقام مقام التحذير من العذاب وأن بينهم وبين العذاب بونا بعيدا (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ) بيان لتحتم حلول عذابه تعالى بمن لا يحذره إثر بيان أنه حقيق بالحذر وأن أساطين الخلق من الملائكة والنبيين عليهم الصلاة والسلام على حذر من ذلك وكلمة إن نافية ومن استغراقية والمراد بالقرية القرية الكافرة أى ما من قرية من قرى الكفار (إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها) *