١٨ ـ سورة الكهف
(مكية وآياتها مائة وعشر)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) (٢)
____________________________________
(سورة الكهف مكية إلا الآيات ٢٨ ومن أية ٨٣ إلى آية ١٠١ فمدنية وآياتها ١١٠)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ) محمد صلىاللهعليهوسلم (الْكِتابَ) أى الكتاب الكامل الغنى عن الوصف بالكمال المعروف بذلك من بين الكتب الحقيق باختصاص اسم الكتاب به وهو عبارة عن جميع القرآن أو عن جميع المنزل حينئذ كما مر مرارا وفى وصفه تعالى بالموصول إشعار بعلية ما فى حين الصلة لاستحقاق الحمد وإيذان بعظم شأن التنزيل الجليل كيف لا وعليه يدور فلك سعادة الدارين وفى التعبير عن الرسول صلىاللهعليهوسلم بالعبد مضافا إلى ضمير الجلالة تنبيه على بلوغه صلىاللهعليهوسلم إلى أعلى معارج العبادة وتشريف له أى تشريف وإشعار بأن شأن الرسول أن يكون عبدا للمرسل لا كما زعمت النصارى فى حق عيسى عليهالسلام وتأخير المفعول الصريح عن الجار والمجرور مع أن حقه التقديم عليه ليتصل به قوله تعالى (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) أى شيئا من العوج بنوع اختلال فى النظم وتناف فى المعنى أو انحرف عن الدعوة إلى الحق وهو فى المعانى كالعوج فى الأعيان وأما قوله تعالى (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) مع كون الجبال من الأعيان للدلالة على انتفاء مالا يدرك من العوج بحاسة البصر بل إنما يوقف عليه بالبصيرة بواسطة استعمال المقاييس الهندسية ولما كان ذلك مما لا يشعر به بالمشاعر الظاهرة عد من قبيل ما فى المعانى وقيل الفتح فى اعوجاج المنتصب كالعود والحائط والكسر فى اعوجاج غيره عينا كان أو معنى (قَيِّماً) بالمصالح الدينية والدنيوية للعباد على ما ينبىء عنه ما بعده من الإنذار والتبشير فيكون وصفا له بالتكميل بعد وصفه بالكمال أو على ما قبله من الكتب السماوية شاهدا بصحتها ومهيمنا عليها أو متناهيا فى الاستقامة فيكون تأكيدا لما دل عليه نفى العوج مع إفادة كون ذلك من صفاته الذاتية اللازمة له حسبما تنبىء عنه الصيغة لا أنه نفى عنه العوج مع كونه من شأنه وانتصابه على تقدير كون الجملة المتقدمة معطوفة على الصلة بمضمر ينبىء عنه نفى العوج تقديره جعله قيما وأما على تقدير كونها حالية فهو على الحالية من الكتاب إذ لا فصل حينئذ بين أبعاض المعطوف عليه بالمعطوف وقرىء قيما (لِيُنْذِرَ) متعلق بأنزل والفاعل ضمير الجلالة كما فى الفعلين المعطوفين عليه والإطلاق عن ذكر المفعول الأول للإيذان بأن ما سيق له الكلام هو