١٥ ـ سورة الحجر
(مكية وآياتها تسع وتسعون)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) (٢)
____________________________________
(سورة الحجر مكية إلا آية ٨٧ فمدنية وآيها تسع وتسعون)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (الر) قد مر الكلام فيه وفى محله فى مطلع سورة الرعد وأخواتها (تِلْكَ) إشارة إليه أى تلك السورة العظيمة الشأن (آياتُ الْكِتابِ) الكامل المعهود الغنى عن الوصف به المشهور* بذلك من بين الكتب الحقيق باختصاص اسم الكتاب به على الإطلاق أى بعض منه مترجم مستقل باسم خاص فهو عبارة عن جميع القرآن أو عن الجميع المنزل إذ ذاك إذ هو المتسارع إلى الفهم حينئذ عند الإطلاق وعليه يترتب فائدة وصف الآيات بنعت ما أضيفت إليه من نعوت الكمال لا على جعله عبارة عن السورة إذ هى فى الاتصاف بذلك ليست بتلك المرتبة من الشهرة حتى يستغنى عن التصريح بالوصف على أنها عبارة عن جميع آياتها فلا بد من جعل تلك إشارة إلى كل واحدة منها وفيه من التكليف ما لا يخفى كما ذكر فى سورة الرعد (وَقُرْآنٍ) أى قرآن عظيم الشأن (مُبِينٍ) مظهر لما فى تضاعيفه من الحكم والأحكام* أو لسبيل الرشد والغى أو فارق بين الحق والباطل والحلال والحرام ولقد فخم شأنه العظيم مع ما جمع فيه من وصفى الكتابية والقرآنية على الطريقتين إحداهما اشتماله على صفات كمال جنس الكتب الإلهية فكأنه كلها والثانية طريقة كونه ممتازا عن غيره نسيج وحده بديعا فى بابه خارجا عن دائرة البيان وأخرت الطريقة الثانية لما أن الإشارة إلى امتيازه عن سائر الكتب بعد التنبيه على انطوائه على كمالات غيره من الكتب أدخل فى المدح كيلا يتوهم من أول الأمر أن امتيازه عن غيره لاستقلاله بأوصاف خاصة به من غير اشتمال على نعوت كمال سائر الكتب الكريمة وهكذا الكلام فى فاتحة سورة النمل خلا أنه قدم فيها القرآن على الكتاب لما سيذكر هناك ولما بين كون السورة الكريمة بعضا من الكتاب والقرآن لتوجيه المخاطبين إلى حسن تلقى ما فيها من الأحكام والقصص والمواعظ شرع فى بيان ما تتضمنه فقيل (رُبَما) بضم الراء وتخفيف الباء المفتوحة وقرىء بالتشديد وبفتح الراء مخففا وبزيادة التاء مشددا وفيه ثمانى لغات فتح الراء وضمها مشددا ومخففا وبزيادة التاء أيضا مشددا ومخففا ورب حرف جر لا يدخل إلا على الاسم وما كافة مصححة لدخوله على الفعل وحقه الدخول على الماضى ودخوله على قوله تعالى (يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) لما أن المترقب فى أخباره تعالى* كالماضى المقطوع فى تحقق الوقوع فكأنه قيل ربما ود الذين كفروا والمراد كفرهم بالكتاب والقرآن وكونه