١٧ ـ سورة الاسراء
(مكية وآياتها مائة وأحد عشر)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (١)
____________________________________
(سورة الإسراء مكية إلا الآيات ٢٦ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٥٧ ومن آية ٧٣ إلى آية ٨٠ فمدنية وآياتها ١١١)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) سبحان علم للتسبيح كعثمان للرجل وحيث كان المسمى معنى لا عينا وجنسا لا شخصا لم تكن إضافته من قبيل ما فى زيد المعارك أو حاتم طىء وانتصابه بفعل متروك الإظهار تقديره أسبح الله سبحان الخ وفيه ما لا يخفى من الدلالة على التنزيه البليغ من حيث الاشتقاق من السبح الذى هو الذهاب والإبعاد فى الأرض ومنه فرس سبوح أى واسع الجرى ومن جهة النقل إلى التفعيل ومن جهة العدول من المصدر إلى الاسم الموضوع له خاصة لا سيما وهو علم يشير إلى الحقيقة الحاضرة فى الذهن ومن جهة قيامه مقام المصدر مع الفعل وقيل هو مصدر كغفران بمعنى التنزه ففيه مبالغة من حيث إضافة التنزه إلى ذاته المقدسة ومناسبة تامة بين المحذوف وبين ما عطف عليه فى قوله تعالى سبحانه وتعالى كأنه قيل تنزه بذاته وتعالى والإسراء السير بالليل خاصة كالسرى وقوله تعالى* (لَيْلاً) لإفادة قلة زمان الإسراء لما فيه من التنكير الدال على البعضية من حيث الأجزاء دلالته على البعضية من حيث الأفراد فإن قولك سرت ليلا كما يفيد بعضية زمان سيرك من الليالى يفيد بعضيته من فرد واحد منها بخلاف ما إذا قلت سرت الليل فإنه يفيد استيعاب السير له جميعا فيكون معيارا للسير لا ظرفا له ويؤيده قراءة من الليل أى بعضه وإيثار لفظ العبد للإيذان بتمحضه عليه الصلاة والسلام فى عبادته سبحانه وبلوغه فى ذلك غاية الغايات القاصية ونهاية النهايات النائية حسبما يلوح به مبدأ الإسراء ومنتهاه وإضافة التنزيه أو التنزه إلى الموصول المذكور للإشعار بعلية ما فى حين الصلة للمضاف فإن ذلك من أدلة كمال قدرته وبالغ حكمته ونهاية تنزهه عن صفات المخلوقين (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) اختلف فى مبدأ الإسراء فقيل هو المسجد الحرام بعينه وهو الظاهر فإنه روى عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال بينا أنا فى المسجد الحرام فى الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتانى جبريل عليه الصلاة والسلام بالبراق وقيل هو دار أم هانىء بنت أبى طالب والمراد بالمسجد الحرام الحرم لإحاطته بالمسجد والتباسه به أو لأن الحرم كله مسجد فإنه روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه صلىاللهعليهوسلم كان نائما فى بيت أم هانىء بعد صلاة العشاء فكان ما كان فقصه عليها فلما قام ليخرج إلى المسجد تشبثت بثوبه صلىاللهعليهوسلم لتمنعه خشية أن يكذبه القوم قال صلىاللهعليهوسلم وإن كذبونى فلما خرج جلس إليه أبو جهل فأخبره صلىاللهعليهوسلم بحديث الإسراء فقال أبو جهل يا معشر كعب بن لؤى بن غالب هلم